موقع الأستاذ الدكتور / فهد بن حمود العصيمي

ما شاء الله تبارك الله

القاتل البطيء الدخان

بسم الله الرحمن الرحيم

القاتل البطيء(الدخان) منقول عن مطوية

الحمد لله الذي أحل لنا الطيبات وحرم علينا الخبائث والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه وبعد0
فلقد نهى الله تعالى عباده المؤمنين عن كل ما يضر أبدانهم وينقص أديانهم ويحبط أعمالهم من مسكر ومفتر وغير ذلك.حفاظا على صحتهم وحرصا على سلامتهم لما لها من الأضرار المكثيرة عليهم قال الله تعالى [ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث]0 ومن ضمن هذه الخبائث التي حرمها الله ونهى عنها رسوله الدخان المكون من التبغ والنكوتين ونحوهما الذي إبتلي بشربه كثير من أبناء المسلمين صغارا وكبارا حتى أصبح الكثير منهم يجاهر به أمام الناس صالحهم وطالحهم ويتبجح بشربه أمامهم بلا حياء ولا خجل لامن الله ولامن خلقه ودون مراعاة لشعود الآخرين الذين لايدخنون ولاإحترام لهم ولا مبالاة بحقهم ولقد صار هذا الدخان عند كثير من الناس كالمباح وذلك من جهلهم بدينهم وجهلهم بما ينفعهم ويضرهم بل إن بعضهم وخاصة صغار السن يظنون أن شربه نوع من الرجولة والوجاهة والتطور والتقدم فاليسجارة معه صباح مساء أينما توجه وحيثما سار فلا يجد لذلة ولا يتمتع بزعمه بأنس ولا سرور إلا في أحضان تلك اللفافة الخبيثة نسأل الله السلامة والعافية من هذه الحال المزرية ونسأ الله لنا ولهم الهداية والصلاح0
الأمراض الناتجة عن التدخين:
{ أخي المدخن } إن الناس يرعبها السرطان وترتعد فرائصها عند ذكره خوفا وفزعا منه وأنت تلقي بنفسك في براثنه وتقدم عليه بخطى حثيثة مسرعة,فهل يليق هذا بعاقل؟! إضافة إلى أن الدخان سبب
للإصابة بأمراض كثيرة وخطيرة فهو يحدث الأضرار في الفم والأسنان ويسبب ضيق الصدر وصعوبة التنفس ويسد مجاري الدم, ويسبب السعال والسل الرئوي والكحة الشديدة, ويسبب الهزال وشحوب الوجه, ووجع الرأس وموت الفجأة, وتدمير الرئتين والقرحة, ويسبب الأرق وحدة المزاج, ويصيب الجهاز البولي والكلى والحالبين والمثانة, ويتسبب أيضا في أمراض الأنف والحنجرة إلى غير ذلك من الأمراض التي لاحصر لها حسب ماقرره الأطباء وأعلنوه فى نشراتهم وحتى من الأطباء غير المسلمين0
**تبذير المال:
أن شراء الدخان يعتبر تبذير للمال بدون فائدة بل لشراء سموم مهلكة ولقد نهى الله تعالى عن تبذير المال فقال عز من قائل [ إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا] ولو لم يكن التدخين إلا مواخاة ومشابهة المبذر للشيطان لكان ذلك أقبح ذنبا وأعظم زجرا له عن شربه.
وقال صلى لله عليه وسلم( إن رجالا يتخوضون في المال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة)0
وشراء الدخان خوض في المال وإهلاك له بغير حق. إن الإنسان لو إعتاد أن يمزق كل يوم 3 ريالات من ماله متلذذا بذلك لوصفه الناس بالجنون وأنه يجب علاجه, فكيف بمن يحرق مثل ذلك أوأكثر كل يوم في شراء الدخان متلذذا بذلك وبما فيه هلاكه أيضا!!فجمع هذا المدخن بيين مصيبتين إضاعة المال , وإضراره بنفسه فأيهما أحق باللوم والعتاب؟!!!وقد يتساهل البعض بقيمة الدخان ولا يعتبره من التبذيرلأنه في نظره مبلغا زهيدا لايساوي شيئا ولكن لننظر إلى هذه الاحصائية لنعرف كم يصرف هذا المدخن من الالاف المؤلفة لشراء هذا السم الخطير. فالمدخن لمدة عشرين سنة- مثلا- إذا كان سيدخن 40 سيجارة يوميا يتكلف أكثرمن 57 ألف ريال والمدخن 60 سيجارة لمدة عشرين سنة يتكلف أكثر من ستة وثمانين ألف ريال 86,000, ثم أيضا كم من الأوقات التي ستهدر وستضيع في شرب هذا الدخان فإذا كانت السيجارة الواحدة تكلف 5 دقائق فإن 40 سيجارة تكلف 200 دقيقة أي أكثر من ثلاث ساعات يوميا يقضيها المدخن في معصية الله تعالى, فأي جريمة أكبر من هذه الجريمة التي تهلك الدين والأموال والأوقات والصحة0
**أدلة تحريم الدخان:
بعض المدخنين قد يجهل حكم الدخان أويلبس عليهم الأمر, ويورد لهم من مختلف الأكاذيب وأنواع الشبهات وشيء من الحيل ما يجعلهم يظنون أن الدخان غير محرم ولا إثم على من شربه.
فإلى كل مدخن يريد قول الحق في حكم شرب الدخان وتعاطيه نسوق إليه هذه الأدلة من الكتاب والسنة قال تعالى:[ ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث] والدخان لايشك عاقل في أنه من الخبائث0قال تعالى:[ ولاتلقوا بأيديكم إلى التهلكة] والدخان لاشك يوقع في الأمراض المهلكه0وقال تعالى: [ ولا تقتلوا أنفسكم إن الله بكم رحيما] والدخان قتل بطئ للنفس. وقال تعالى [ ولا تبذر تبذيرا] . وقال صلى الله عليه وسلم :[لاضرر ولاضرار] والدخان ضررعلى صاحبه وعلى أهله وأولاده وعلى من يجلس معه ممن لايدخن. وقال صلى الله عليه وسلم : [ من آذى مسلما فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ] والدخان فيه أذى للجار وللجليس وللمصلين وللملائكة الكاتبين.
فكل هذه الأدلة تبين حرمة تعاطي الدخان أو الاتجار به ولا ينكرها إلا جاحد أو معاند0
وبعد: أخي الحبيب / يامن ابتليت بشرب الدخان هل تريد أكثر من هذه الأدلة وهذه البراهين على تحريمة وهل يليق بك أخي المسلم بعد أن سمعت الحكم الشرعي من الكتاب والسنة , ومن العقل أيضا , نعم من العقل الذي أكرمك الله به , وجعلك تميز به بين النافع والضار… هل يليق بك بعد كل ذلك أن تشرب هذا الدخان الخبيث, والذي لو قدمت شجرته وهي خضراء لأغبى الحيوانات أعزك الله وهو الحمار لم يأكلها , فكيف بك يامن تملك العقل أن تشربها بعد أن يبست؟ هل يليق ذلك بعاقل؟
أليس من المذلة أخي الكريم -أن تأسرك هذه العادة القبيحة وتجعلك عبدا لها كما أسرت الملايين من الناس الذين ظنوا أن التدخين عنوان التقدم والتحضر والرجولة والوجاهة والسعادة والذوق الرفيع ثم ندموا بعد تورطوا به وعرفوا أنه عنوان الجهل والسفاهة والضياع.
وقفات/
أخي المدخن:

إن من مقتضى عبوديتك لله عز وجل أن تطيعه ولا تعصيه وأن تشكر ولاتكفره ولا تنساه وأن تعلم أنه لايأمرك إلا بما فيه صلاحك وفلاحك وما ينهاك إلا عما يفضي إلى شقائك وسوء عاقبتك في دنياك وآخرتك والدخان هو لاشك مما حرمه الله وأمرك باجتنابه,فاجتنبه واجعل ذلك مصداقا لعبوديتك لله تعالى.
*الناس تدفع الأموال الكثيرة لشراء الاطياب ذوات الروائح الزكية الفواحة لتنعشهم وتدخل السرور على قلوبهم وأنت هداك الله لاتألف إلا الروائح المنتنة ولا ينبعث منك إلا ما يسؤوك ويبعث على الاشمئزاز منك والنفور من الجلوس قربك بسبب ما يفوح منك من روائح غير طيبة.
* إن العقلاء يسعون للمعالي وأنت بالتدخين تنزل نفسك إلى الحضيض وتهوي بها في الدركات فالتدخين يزري بك ويثلم مرؤتك وينقص من قدرك ويدل على ضعف إرادتك وسفول همتك ولاأظنك أيها الحبيب ترضى لنفسك هذا السقوط.
السموم تفتك بالصحة وتقود إلى الهلاك ولو أقدم أحد على تعاطيها لأتهم في عقله وأنت تتحسى السموم قرير العين وبمحض إرادتك بل وتدفع أموالك في سبيل ذلك فهل ذلك من العقل في شيء؟0
أخي المدخن:

إن الانسان العاقل هو الذي يعرف أين يقف من هذه الحياة, فالحياة قصيرة جدا مهما طالت والأجل آت لامحالة وإن صحتك وحياتك ومالك وديعة من الله عز وجل عندك ولا يحل لك التفريط فيها فانتبه لذلك بارك الله فيك وأفق من غفلتك وأعلن توبتك واطلب من الله أن يعينك على ترك الدخان فهو القادر على مساعدتك للنجاة منه إن كنت صادقا في تركه وإياك من التردد في تركه واتخذ في ذلك موقفا حازما وجادا وسريعا لأن الامتناع النهائي والفوري من أنجع الوسائل كما هو مجرب عند كثير ممن تركوا التدخين أما التردد والامتناع التدريجي فهو بصراحة تلاعب وتخاذل وعدم جدية في تركه.
إن الإرادة-أخي الحبيب- هي سر النجاح في هذه الحياة وهي عنوان عظماء الرجال الذين إذا أرادوا أمرا لم يثنهم عنه شيء بل يسلكون إليه كل السبل ويركبون له كل صعب فكن أنت قوي الإرادة عالي الهمة وتخلص من هذا البلاء قبل أن يخلص عليك واحرص على الابتعاد عن من يذكرك بالتدخين فالقرب من شقاء وبلاء لئلا تضعف نفسك عن المقاومة فترجع مرة ثانية إلى سالف عهدك بالتدخين:
إني نصحتك فاستمع لنصيحتي
ونهيت فاتبع قول من ينهاك
وبذلت قولي ناصحا لك يا فتى
فعساك تقبل ما أقول عساك
*شبه وحجج مردودة:
(1) يزعم البعض أن بعض المدخنين عاشوا طويلا ولم يضرهم الدخان, فنقول لهؤلاء إذا لم يضر أجسامهم فقد أضر أموالهم وأخلاقهم ودينهم وقد لايظهر ضرره إلا بعد حين كما هو ملاحظ على من أمضوا زمنا طويلا في التدخين.
(2) يدعي بعض المدخنين أنهم لايستطيعون ترك الدخان فنقول لهؤلاء: إن الإنسان يستطيع الامتناع عن الطعام والشراب أياما فكيف لايستطيع ا لامتناع عن الدخان وهو لا يسمن ولايغني من جوع!! ولكن كل ذلك حجج واهية تنم عن عدم جدية في تركه وإلا لو كان الإنسان صادقا في تركه لاستطاع تركه بكل سهولة ويسر فالصحابة رضوان الله عليهم كانوا مدمنين على ماهو أكبر من الدخان وهو الخمر ومع ذلك لما نزلت أية تحريم شربه توقفوا مباشرة ودون حجج بعدم القدرة على تركه أو بتركه تدريجيا بل كلهم قالوا انتهينا,انتهينا0
*كلمة لغير المدخنين:
احمد الله أن عافاك ولم يبتليك بهذه العادة الخبيثة وهذا السم المهلك, ثم أعلم أن أضرار التدخين لا تقتصر على المدخنين فقط, بل تتعداهم إلى غيرهم حيث بينت الدراسات العلمية أن الجلوس أربع ساعات يوميا في غرفة فيها مدخنون يعادل تدخين عشر سجائر وبناء على ذلك فإن غير المدخن يتعرض لكل ما يتعرض له المدخن وذلك نتيجة ارتفاع نسبة أول أكسيد الكربون في الهواء وتجاوزها الحد المسموح به إضافة أيضا إلى أن من يجلس مع المدخن وهو يدخن فإنه سيأثم بجلوسه معه إذا لم ينكر عليه أو يترك المجلس إن لم يتوقف المدخن عن التدخين لأن ذلك يعتبر رضا بالمنكروعدم إنكار له. لذا ينبغي لغير المدخنين أن ينتهوا لذلك وأن لايسمحوا لأحد بالتدخين عندهم لمصلحتهم أولا ولمصلحة المدخنين ثانيا لعل ذلك يكون عونا لهم على تركه والتوبة منه فلو تعاون الجميع لقل المدخنون ولا ختفى الدخان من مجالسنا وشوارعنا ومكاتبنا ولا رتاح الجميع من مفاسده وأضراره ونتن روائحه.
*رسالة إلى بائع الدخان:
أ إذا تبين أن شرب الدخان حرام كما هو واضح من الأدلة السابقة فإن بيعه حرام لأن الله إذا حرام شيئا حرم ثمنه فاحرص بارك الله فيك على عدم بيعه في محلك لأنه يعتبر من التعاون على الأثم والعدوان الذي نهى عنه بقوله [ وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان] ولأن المال المكتسب من بيع الدخان حرام وسحت لاخير فيه وسبب لدخول النار قال صلى الله عليه وسلم ( لايدخل الجنة لحم نبت من السحت وكل جسد نبت من السحت فالنار أولى به). وأيضا فإن المال الحرام من أسباب عدم قبول الصدقة والدعاء لقوله عليه السلام( إن الله طيب لايقبل إلا طيبا) فكن أخي قوي الإيمان بالله قوي التوكل عليه ولاتسمح ببيع الدخان في محلك وتأكد أن ربحك لن يتأثر من جراء ذلك بإذن الله لأن الله تعالى يقول[ ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب] ويقول عليه السلام ( من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ) وثق تماما أن الله عز وجل لايمكن أن يخلف وعده أبدا لمن صدق معه لكن لابد من الصبر وعدم الاستعجال واعلم أن المال الحلال وإن كان قليلا فهو خير من المال الحرام الكثير وأعظم بركة ونفعا لقوله تعالى [ قل لايستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث]
أخي الكريم :

أن المدخن يحمل وزر نفسه فقط أما بائع الدخان فإنه يحمل أوزارجميع من يشتري منه الدخان فانظلر كم من الآلاف المؤلفة التي تسببت أنت في إثمها ووزرها وضررها فهل لك قدرة على تحمل كل ذلك ؟!!! وهل هانت عليك نفسك إلى أن تسير بها في طريق الهلاك من أجل دريهمات قليلة! ثم لاتظن أن من لم يبع الدخان سيخسر أو يقل ربحه بل إن الله سيوفقه ويبارك له بالكسب وإن كان قليلا نتيجة قوة إيمانه وتوكله عليه وعد\م ارتكابه للحرام كما وعد سبحانه بذلك في الآية السابقة فتنبه أخي لذلك جيدا واحرص على أن تكون ممن يستجيب لأمر ربه ويتوكل عليه ويقنع بالحلال ويرضى به ولو كان قليلا وإياك إياك أن تجعل حب المال ينسيك ربك وينسيك دينك وينسيك مصيرك زمآلك , فتهلك في الدنيا والآخرة
وصلى الله على نبينا محمد