موقع الأستاذ الدكتور / فهد بن حمود العصيمي

ما شاء الله تبارك الله

خطر المخدرات على الفرد والجماعة

ندوة عن خطر المخدرات على الفرد والجماعة

د: فهد العصيمي / والرائد: عثمان العساف
المقدمة
الحمد لله الشافي العافي المبدئ المعيد خلق الأشياء بقدرته ، ودبر الأمور بمشيئته ، أشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، بلغ الرسالة وأدى الأمانة فصلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد :
إن من الأمور المسلم بها أن الإنسان عرضة للأخطار وقليل من تصفو له الحياة ويعيش دون منغصات ؛ وصدق الشاعر :
ومن عاش في الدنيا فلابد أن يرى من العيش ما يصفو وما يتكدر
ولقد حرص الإسلام أشد الحرص على بناء الفرد المتكامل من جميع النواحي العقلية والجسمية والفكرية وغيرها . والفرد عرضة للأخطار وخاصة في هذه الأزمان التي انتشرت فيها المخاطر بأنواعها ومن هذه المخاطر: تلك التي يعتقد الشخص أنها تجلب له السعادة عندما يحصل عليها ويزداد طرباً حينما يمسكها بيده ويقلبها في فمه ! تراه يأنس لقربها ! ويستوحش لفقدها ! أسعد لحظاته عندما يخلو بها ، وأشقى ساعاته حينما يفارقها..! تحدد أصدقائه وأماكن جلوسه ! قد يرتكب المحرمات لأجلها ؛ بل قد يموت بتأثيرها…!!! إنها المخدرات!!!
ولأثرها البالغ في الشعوب وضرورة تثقيف المجتمع بخطرها قام كل من د: فهد العصيمي والرائد: عثمان العساف ، بإلقاء ندوة عن خطر المخدرات على الفرد والجماعة
ومواضيع البحث هي : الضروريات الخمس وحرص الإسلام عليها ،
حكم الخمر والحكمة من تحريمها ،
المخدرات وتفكيك الأسر ،
المخدرات وغزو بلاد المسلمين ،
ضحايا المخدرات ،
وسائل الأعداء وصدها ،
المصائب التي تقع لمتعاطي المخدرات ، والأضرار الناجمة عنها ،
الجهود الدولية في مكافحتها ،
العوامل التي ساعدت على انتشارها ،
وأخيراً الوقاية والعلاج ،
هذا وأسأل الله العلي القدير أن يحفظنا وإخواننا المسلمين من كل شر ومن كيد الكفار إنه جواد كريم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
البداية:
الحمد الله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسولنا الأمين ، وبعد:
أيها الإخوة الحضور، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . يسر أعضاء إدارة وهيئة تدريس وطلاب متوسطة ابن بشر بالرياض أن يرحبوا بالضيوف الكرام . ويشكروهم على استجابتهم للدعوة والتكرم بالحضور للمشاركة في هذه الندوة ، كما يسرهم أن يرحبوا بأولياء أمور الطلبة والمدعوين
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: { يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون و أطيعوا الله و أطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين }[1].
والآن مع كلمة مدير المدرسة ترحيباً بالضيوف وأولياء الأمور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أيها الإخوة ، فضيلة الشيخ ، سيادة الرائد ، إخواني وآبائي أولياء الأمور ، إخواني و أبنائي الطلاب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، والحمدلله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، كلمتي هذه ترحيبية أما عن موضوع الندوة فيكلمكم عنها كل من : فضيلة الشيخ وسعادة الرائد ، بما فيه الكفاية ،لكن أحب أن أنبه على نقطة واحدة وهي أن دور تربية النشء تكون على ثلاثة وسائط : البيت والمدرسة والمجتمع ،فإذا أفلس كل من البيت والمدرسة تلقف المجتمع هذا الابن أو هذا الشاب ،فقد تكون تربيته صالحة إذا رافق رفقة صالحة، وقد تكون تربية سيئة إذا رافق رفقة سيئة، فالإنسان من جليسه، والإنسان بالمقارن يقتدي، وأحب أن أركز على نقطة هامة، يجب أن ننتهج الوسط في تربية أبنائنا، فلا نشد إلى الطرف اليمين ولا نشد إلى الطرف اليسار، فخير الأمور أوسطها،و يجب على الأب أن يعرف من يصادق ابنه، فإذا كانت رفقة صالحة ككل هذه الرفقة، رعاها وشجعها وأعانها على الخير ، وإذا كانت رفقة سيئة !!! يحاول أن يجذبه إليه وأن يأخذه معه حيثما شاء ، أو حيثما ذهب ، عله يصرفه شيئاً فشيئاً عن هذه الرفقة السيئة ،وأن ينجوا به إلى الطريق السوي الآخر، هذا ما أحببت أن أنبه إليه ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قبل البدء بالندوة نحب أن نتعرف على ضيوف هذه الندوة وهما سعادة
الدكتور: فهد العصيمي.
وسعادة الرائد: عثمان العساف .
نبدأ الندوة بمشيئة الله بسؤال نوجهه إلى فضيلة الدكتور الأخ فهد . نريد من الأخ فهد أن يوضح لنا معنى المخدرات وموقف الإسلام من هذه المخدرات ولماذا حرص الأعداء على انتشار هذا الوباء بين صفوف شباب المسلمين ؟ فليتفضل مشكوراً :
في البداية :
بسم الله الرحمن الرحيم ،والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، لا يسعنا في هذا اللقاء الطيب إلا أن نقدم جزيل الشكر لإدارة المدرسة لما لمسناه منها من الحرص على أبناءنا وعلى فلذات أكبادنا، ولاشك أن مثل إقامة هذه الندوات له الدور في توجيه هؤلاء النشء، وتربيتهم التربية السليمة، التي يدعو إليها ديننا الإسلامي العظيم، فالكلام عن المخدرات، وما في حكمها ليس بالأمر البسيط ،وإنما قد يحتاج إلى محاضرات طويلة ويحتاج إلى ندوات كثيرة، ولكن قليل دائم خير من كثير منقطع ، ومالا يدرك كله لا يترك جله.
الضروريات الخمس وحرص الإسلام عليها :
نعلم أن الإسلام العظيم ،حرص أشد الحرص على بناء الفرد المتكامل، لأنه إذا بنى الفرد المتكامل عقلياً وجسمياً وروحياً وفكرياً استطعنا أن نبني من هذا الإنسان الأسرة الحية ، والأسرة النظيفة ،والأسرة الطيبة، والأسرة المتعاونة المتكاتفة على البر والتقوى، المتواصية على الخير، فإذا صلحت الأسرة بإذن الله واستقامت على منهج الله صلح المجتمع بكامله، وهذا ما يريده الإسلام منا أمة الإسلام، قال تعالى: } كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيراً لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون {[2]. فالإسلام أيها الإخوة ،حرص أشد الحرص على حفظ ما يسمى بالضرورات الخمس ،وكلكم يعلم ما هي الضرورات الخمس والتي بدون المحافظة عليها يظل الناس قطيعاً من الغنم أو قطيعاً من السباع، قويهم يفتك بضعيفهم ، ولكن الإسلام العظيم الشامل الكامل الذي أرسل به محمد عليه الصلاة والسلام، ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، ووضع الأسس والقواعد والأطر التي يضمن لها ويكفل لكل فرد من أفراد الأمة الإسلامية هذه الضروريات الخمس ، هي ضروريات حفظ الدين، ولذلك أوجب الإسلام على المسلمين الجهاد في سبيل الله ،قال تعالى: } انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون {[3]يغفر للشهيد كل شيء إلا الدين، كما أخبرنا رسول الله عليه السلام، وأوجب قتل المرتد عن دين الله سبحانه وتعالى، لأن المرتد عن دين الله يحدث خللاً في الدين ،ولربما حصل منه بلاء وشر مستطير لهذه الأمة الإسلامية بسبب ردته ، وأوجب الإسلام حفظ النسل وذلك بتحريم الزنا قال تعالى : }ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشةً وساء سبيلا {[4] ، وفي مقابل تحريم الزنا أباح الإسلام الزواج ولفت النظر إليه ، قال صلى الله عليه وسلم { يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء }[5] ، وحرم القذف ، قذف المسلم لأخيه المسلم بالزنا، ونحو ذلك وأوجب حد القذف ثمانون جلدة إذا عجز عن الإثبات وذلك لتظل أعراض المسلمين نزيهة ونظيفة وكذلك حفظ المال ، وذلك بالمحافظة عليه وعدم إتلافه والبحث عن المال لأنه عصب الحياة ومن ضمانه الشرعية ؛ صرفه في طرق شرعية ، كذلك أقام الحد على من تسول له نفسه ، أن يأخذ أموال المسلمين بغير حق ، كالسرقة ، والغصب ، ونحو ذلك قال تعالى: } والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالاً من الله والله عزيز حكيم {[6]، ونأتي إلى لب موضوعنا وحديثنا ألا وهو الضرورة الخامسة ،ضرورة حفظ العقل ….لقد كرم الله الإنسان وفضله على كثير من المخلوقات وأمده بنعم كثيرة لا تحصيها البصائر ولا الأبصار ولا تحيط بها العقول ولا الأفهام ومهما أعمل الإنسان عقله وأجهد فكره كي يحصي نعم الله عليه فلن يستطيع إلى ذلك سبيلا.
قال تعالى: }وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم }[7] ومن أعظم تلك النعم التي أنعم الله بها على الإنسان وفضله بها على الحيوان نعمة العقل ونعم أخرى.
لأن العقل قوام الإنسان ، وميزان الشخص ، وزينة المرء ، وبالعقل عرف الإنسان ربه ووقف على أسرار الكون ، وبالعقل أصبح الإنسان عالماً يدرك حقائق الأمور ، ويعلم ما لم يكن يعلم ، وبالعقل يميز الإنسان بين الخير والشر ، والصالح والطالح ، والنافع والضار.
ولقد رفع الإسلام من شأن العقل ، فجعله مناط الثواب والعقاب ، فعلى وجوده يكلف الإنسان ويحاسب ويثاب أو يعاقب وإذا زال عقله سقط عنه التكليف ودعا الإسلام الإنسان إلى إعمال عقله في التفكير والتدبر،والنظر والتأمل في آيات الله في الأنفس والآفاق. قال عز وجل: } إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم و يتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار }[8] .
وقال عز وجل: } وفي أنفسكم أفلا تبصرون}[9].
ولقد وردت كلمة : عقل، ونعقل ، وتعقلون، ويعقلون، ويعقل ، في القرآن الكريم حوالي تسعاً وأربعين مرة.
قال تعالى: } أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون }[10].
وقال تعالى: } وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير{[11].
وقال تعالى: } أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون{[12].
وقال تعالى: } وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون{[13].
وقال تعالى: }وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون}[14]. فهذا الورود الكثير المتعدد يبرهن على مدى اهتمام القرآن الكريم بالعقل.
وهذا يطلب من المسلم أن يحافظ على عقله وأن لا يتناول من الأشياء ما يفسده ويخل بالتفكير.
ولقد أمرنا الإسلام بحفظ العقل ، وصيانته ، ووقايته ، وأمرنا بتكريم تلك النعمة وهي نعمة العقل ، ونهانا أن نتناول أي شي يضر بالعقل أو يفسد التفكير،أو يؤدي إلى شلل المخ وحذرنا كل التحذير من تعاطي تلك المواد السامة كالحشيش ، والهروين ، والأفيون ، والكوكايين ، وسائر المخدرات ، لأنها تدخل على العقل فتفسده وعلى التفكير ، فتعطله فهي من المسكرات التي حرمتها الشريعة ولم تأذن بتعاطيها.
قالت أم سلمة y: { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر}[15]. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ” أن الحشيشة حرام يجلد صاحبها كما يجلد شارب الخمر وهي أخبث من الخمر من جهة أنها تفسد العقل والمزاج ، وأنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة وهي داخلة فيما حرمه الله ورسوله من الخمر والمسكر لفظاً ومعنى.” السياسة الشرعية 116 ” والمادة المخدرة هي كل مادة خام أو مستحضرة تحتوي على عناصر منبهة أو مسكنة من شأنها إذا استخدمت في غير الأغراض الطبية والصناعية أن تؤدي إلى حالة من التعود أو الإدمان عليها مما يضر بالفرد والمجتمع جسمياً واجتماعياً ونفسياً……[16]
العقل أيها الأخوة نستطيع أن نقول : هو مقود السيارة فإذا مال مالت السيارة بكاملها وقد تنقلب وتنعدم ، وإذا استقام هذا المقود ولم يحصل فيه لف ولا دوران وصار ميزانه كما ينبغي فبإذن الله تمشي السيارة وتستقيم وكذلك العقل ، عقل الإنسان موهبة وهبها الله سبحانه وتعالى له وأعطاه إياه لأجل أن يحافظ عليه ولأجل أن يصرفه فيما يفيده وينفعه بدينه ودنياه ، وأهم شيء هذا العقل إذا سلم ولم يلوث بأي نوع من أنواع التلوث فإن هذا العقل يصبح هادياً إلى الجنة برحمة الله سبحانه وتعالى ، لماذا ؟ لأنك بواسطة هذا العقل تعبد الله سبحانه وتعالى ، ولذلك أنظر إلى المجنون ومن في حكمه كالصغير هؤلاء رفع القلم عنهم قال صلى الله عليه وسلم: { رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن المعتوه أو قال عن المجنون حتى يعقل وعن الصغير حتى يشب }[17]. لماذا رفع التكليف عنهم ؟ لأن العقل افتقد منهم ، فالعقل مهم جداً لأجل أن تعبد الله ، لأجل أن تتأمل في خلق الله سبحانه وتعالى. وصاحب العقل المشوش لا يستطيع أن يتأمل في خلق الله سبحانه وتعالى ، كذلك بهذا العقل ؛ تستطيع أن تنمي القطاع ، العلمي ، والقطاع الزراعي ، والقطاع التجاري ، والقطاع الصناعي ، وأن تكون أيها الإنسان عند حسن الظن بك فلا تكن مشوش الذهن ، ضعيفاً أمام الأعداء يقبضون عليك في بلدك وأنت عاجز ، ولا تكن لا سمح الله عند ردهم بسب عقلك الذي لا ينفعك ، بحيث تتجاوز خطورة الأعداء ، وتتجاوز جميع المشاكل ، فهذا العقل على سلم كلما استطعنا أن نبني أمتنا بناءً محكماً على أن نرتقي إلى الأمام ؛ كلما استطعنا أن نقف أمام الأعداء سداً منيعاً فلن يستطيعوا أن ينفذوا منه إلى أرضنا ، أو إلى مقدساتنا ، أو إلى أعراضنا ، أو إلى أموالنا ، ونحو ذلك. واحتراماً لهذا العقل جعل الله سبحانه وتعالى العقل مناط التكاليف الشرعية. ومن هنا حرم الإسلام الاعتداء على العقل بأي نوع من أنواع الاعتداء ، فلما كانت الخمر تعبث بالعقل ، وتذهبه ، وكانت هي الموجودة في وقت رسولنا صلى الله عليه وسلم هنا نزل القرآن بتحريمها تحريماً قطعياً قال تعالى: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون }[18]. فلما نزلت هذه الآية قام الصحابة جميعهم بإراقة ما عندهم من خمور ، حتى إن شوارع المدينة في ذلك اليوم سالت بالخمور ، وبعض الصحابة جاء إليه خبر الآية وقد استقرت الخمر في معدته فيروى أنه أدخل يده في فيه وصار يتقيأ الخمر لأنها حرمت وذلك لشدة احترازهم لدينهم .
حكم الخمر … والحكمة من تحريمها:
((فتوى من إدارة البحوث العلمية للإفتاء والدعوة والإرشاد))[19]
” نظراً إلى أن للمخدرات آثار سيئة على نفوس متعاطيها ، وتحملهم على ارتكاب جرائم الفتك وحوادث السيارات ، والجري وراء أوهام تؤدي إلى ذلك وأنها توجد طبقة من المجرمين شأنهم العدوان وأنها تسبب حالة من المرح والتهيج مع اعتقاد متعاطيها أنه قادر على كل شي فضلاً عن اتجاهه إلى اختراع أفكار وهمية تحمله على ارتكاب الجريمة ، كما أن لها آثاراً ضارة بالصحة العامة وقد تؤدي إلى الخلل في العقل والجنون. وحيث إن أصحاب هذه الجرائم فريقان:
أحدهما: من يتعاطاها للاستعمال فهذا يجري في حقه الحكم الشرعي للسكر فإن أدمن على تعاطيها ولم يجد في حقه إقامة الحد كان للحاكم الشرعي الاجتهاد في تقرير العقوبة التعزيرية الموجبة للزجر والردع ولو بقتله.
الثاني: من يروجها ، سواء كان ذلك بطريق التصنيع أو الاستيراد بيعاً أو شراءً أو إهداء ونحو ذلك من ضروب إشاعتها ونشرها، فإن كان ذلك للمرة الأولى فيعزر تعزيراً بليغاً بالحبس ، أو الجلد ، أو الغرامة المالية ، أو بها جميعاً حسبما يقتضيه النظر القضائي. وإن تكرر منه ذلك فيعزر بما يقطع شره عن المجتمع ولو كان ذلك بالقتل ؛ لأنه بفعله هذا يعتبر من المفسدين في الأرض وممن تأصل الإجرام في نفوسهم وقد قرر المحققون من أهل العلم أن القتل ضرب من التعزير.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ومن لم يندفع فساده في الأرض إلا بالقتل قتل مثل المفرق لجماعة المسلمين الداعي للبدع في الدين إلى أن قال : ” وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل رجل تعمد الكذب عليه” وسأله ابن الديلمي عمن لم ينته عن شرب الخمر فقال: من لم ينته فاقتلوه وفي موضع آخر قال رحمه الله في تعليل القتل تعزيراً ما نصه:” وهذا لأن المفسـد كالصائل[20] وإذا لم يندفع الصائل إلا بالقتل قتل”.
ثالثاً: نظراً إلى أن جرائم الخطف وتعاطي المسكرات والمخدرات على سبيل الترويج لها من القضايا الهامة التي يحكم فيها بالقتل تعزيراً فإنه ينبغي أن تختص بنظرها المحاكم العامة وأن تنظر من ثلاثة قضاة كما هو الحال في قضايا القتل والرجم وأن ترفع للتمييز ، ثم للمجلس الأعلى للقضاء لمراجعة الأحكام الصادرة بخصوصها براءة للذمة واحتياطا لسفك الدماء “[21].
والفتوى موقعة باسم مجموعة من العلماء الأفاضل وعلى رأسهم الشيخ: عبد العزيز ابن عبد الله بن باز رحمه الله.
وقد تم تشديد العقوبات على المهرب والمروج حسبما ورد في فتوى مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية بالقرار الصادر برقم 138وتاريخ 20/6/1407هـ متضمناً ما يلي:
1-بالنسبة لمهرب المخدرات فإن عقوبته القتل ؛ لما يسببه تهريب المخدرات وإدخالها البلاد من فساد عظيم لا يقتصر على المهرب نفسه بل له أضرار جسيمة وأخطار بليغة على الأمة بمجموعها ويلحق بالمهرب الشخص الذي يستورد أو يتلقى المخدرات من الخارج يمون بها المروجين.
أما بالنسبة لمروج المخدرات فقد أكد المجلس قراره رقم 85 بتاريخ 11/11/1401هـ .
وبناء عليه فقد صدر أمر خادم الحرمين الشريفين المبلغ لكل من وزارتي العدل والداخلية برقم 4/ب/9666بتاريخ 10/7/1407هـ بالعمل بموجبه وتعميمه إلى المحاكم.[22]ولاشك أنه كلما استحدث مما يقاس على الخمر مما يشوش العقل ، أو يصد عن ذكر الله سبحانه وتعالى ، أو يلوث العقل بحيث يؤدي بالإنسان إلى الهستريا ، أو يؤدي به إلى زوال عقله فهو محرم وينطبق عليه ما ينطبق على الخمر ، حيث الحرمة ولذلك العلماء قاسوا أشياء كثيرة على الخمر والذي كان يعمل من حاجات كانت موجودة في الجاهلية ، وأصدروا الحكم الشرعي لها فتبين لنا أنها الخمر لأنها تذهب العقل فالعلة هي إذهاب العقل ولذلك حرمت، ولا يجوز تناولها فإذاً نقول: كل ما يلوث العقل أو يتلفه أو ينقص من قيمته فهو محرم ،وينطبق عليه ما ينطبق على الخمر من حيث الحرمة ، أي حرمة التناول ، فإذاً نقول: جميع أنواع المخدرات، و المفترات بأنواعها المتعددة محرمة ولا يجوز تناولها بأي حال من الأحوال ،فقد حرمها ربنا سبحانه وتعالى وكذلك رسولنا عليه الصلاة السلام ،عندما حرم الخمر ولعن ساقيها ، ومستاقها ، وشاربها ، وحاملها ، والمحمولة إليه، ووصفها بأنها أم الخبائث ، وقال عليه الصلاة و السلام: { ما أسكر كثيره فقليله حرام }[23]، ونهى عليه الصلاة والسلام عن كل مخدر ومفتر ، وهذه كلها أدلة صريحة جداً تبين حرمة تناول المخدرات بشتى أنواعها وبشتى أشكالها ، إذاً من هذه المقدمة نستطيع أن نأخذ الحكمة من التحريم، فمثلا لو قلنا هل المخدرات أو الخمور أو ما يلحق بها هل هي من الخبائث أم من الطيبات ؟ الجواب: أنها من الخبائث ، ولا يوجد أحد عاقل يقول إنها من الطيبات ، و الدليل على تحريم كل خبيث يقول الله عز وجل: } ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث {[24]. إذاً هذا نص صريح كذلك نظيفه إلى النصوص التي مرت معنا ،كذلك هل الخمور من أسباب تلف الجسد وتلف العقل أم لا ؟ فالجواب: نعم الخمور بأنواعها وأشكالها المتعددة سبب من أسباب إتلاف الجسد ، وسبب من أسباب إتلاف العقل، ومن يزور بعض المستشفيات ، أو السجون التي سجن فيها أصحاب المخدرات ؛يرى كيف أن المخدرات والخمور أتلفت أجسادهم وأصبحوا مجرد هياكل بشرية ، نسأل الله الهداية، فإذاً تبين لنا أنها تتلف الجسد وتتلف العقل ،إذاً ما هو الدليل على أن ما يتلف الجسد والعقل محرم التناول؟ الجواب هو قوله عليه الصلاة والسلام: } لا ضرر ولا ضرار {[25] ، فلو ثبت ثبوتاً قطعياً أن هناك شيئاً أصله مباح يضر جسدك فإنه يحرم عليك تناوله فمثلاً لو أنك تأكل البيض وهو في الأصل حلال واكتشفت أنه يسبب لك حساسية إذاً الآن يحرم عليك تناوله لماذا؟!!! لأنه يضر بجسدك ، وكل ما يضر بالجسد فإنه محرم تناوله ، ولأن هذا القدر بالجسد قد يأتي بك لا سمح الله إلى الانتحار ،تأخذ مثلاً مخدر، ثم تأخذ مخدر ،ثم تأخذ مخدر، حتى في يوم من الأيام قد تموت بسبب هذا المخدر لا سمح الله ،فإذا مت بسبب المخدر فإنك قد تكون من المنتحرين ، والمنتحر معروف كما ورد عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه في النار فيكون الإنسان قد خسر دينه وقد خسر دنياه على حد سواء ، بسبب هذا العمل المحرم في الكتاب والسنة ، ومثلاً الخمور أو المخدرات أو ما في حكم هذه الأشياء هل فيها إضاعة للمال وإضاعة للأوقات أم لا ؟ الجواب نعم ، فيها إضاعة للمال وفيها إضاعة للأوقات ، المال أيها الإخوان كما قلت لكم عصب الحياة، فلا يجوز لك أن تهدره أو تضيعه بما لا يفيد ،وبما لا ينفع، ولذلك نهى عليه الصلاة والسلام كما تعلمون عن قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال، إذاً يحرم عليك شرعاً أن تضيع مالك بما لا يفيدك وبما لا ينفعك، إذاً الذي يضيع أمواله في المخدرات هل ينطبق عليه هذا الحديث أم لا ؟ الجواب: أنه خالف نهي رسول الله عليه الصلاة والسلام ، وكذلك إضاعة الأوقات لمَّا يأخذ الإنسان المخدر لا سمح الله، ثم يجلس يعيش في عالم الخيال محلق إلى الكواكب وإلى النجوم على حد زعمه… كم أضاع من الصلوات ؟! وكم أضاع من وقت الأسرة ؟! وكم أضاع من كذا وكذا ؟؟!! مع أن وقتك يجب أن تصرفه فيما يفيدك وينفعك ولذلك قال رسولنا عليه الصلاة والسلام: لرجل و هو يعظه: { اغتنم خمساً قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، و صحتك قبل سقمك ، و غناك قبل فقرك ، و فراغك قبل شغلك، و حياتك قبل موتك . }[26] وقال عليه الصلاة والسلام }لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه ، وعن علمه فيما فعل ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ، وعن جسمه فيما أبلاه {[27] ، إذاً الأمر خطير جداً ليس كما يتصوره بعض الناس لا سمح الله عادي وطبيعي . وكذلك هل تناول المخدرات لا سمح الله أو الخمور أو ما في حكمهما وسيلة من وسائل إضاعة الأسرة أم لا ؟ الجواب نعم إنه وسيلة من وسائل إضاعة الأسر وتفككها وتمزقها وقد سمعنا أن بعض الذين يتعاطون المخدرات ، أو الخمور ، أنهم حصل منهم أن زنوا في بناتهم ، وزنوا بأمهاتهم ، وقتلوا ، ودهسوا ، وعملوا من الجرائم ما الله به عليم. ولذلك صدق عثمان بن عفان رضي الله عنه عندما قال: ( اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث )[28] وهو حديث موقوف على عثمان رضي الله عنه
المخدرات وتفكيك الأسر:
تعتبر الأسرة هي اللبنة في كل مجتمع ، والمخدرات تلحق أضراراً جسيمة في هذه الأسرة إذا كان أحد أفرادها المدمنين أو المتعاطين لها ، حيث نجد أن المدمن يعيش داخل أسرته ، وبالتالي يهمل تربية أبنائه التربية الصحيحة، ويقوم بإنفاق جزء كبير من دخله للحصول على المخدرات ومستلزماتها ،
وهذا يؤثر على الحالة المعيشية للأسرة من الناحية السكنية ، والغذائية ، والصحية ، والتعليمية ، والأخلاقية ، ونتيجة لذلك ينشأ أبناء المدمن على المخدرات عديمي المسئولية ، نحو هذه الأسرة فيلجأون للبحث عن مصدر رزق ، غالباً ما يكون عن طريق غير مشروع ، كالتسول ، أو الدعارة ، أو السرقة ، وعندما ينقطع دخل رب الأسرة قد يدفع الأبناء لارتكاب الجرائم لتوفير المال اللازم لشراء المخدرات[29] …….
وإليكم هذه القصة قرأتها من أيام وهي قصة واقعية في إحدى البلاد العربية بسبب المخدرات سأختصرها لكم…
يقول: يرويها نفس الولد بعد أن هداه الله سبحانه وتعالى للحق .
يقول: كنا في الأسرة أنا وأمي وأختين صغيرتين ووالدنا وأخي .
يقول: والدنا في أول حياته كان طبيعياً وعادياً وكانت الأسرة متفاهمة، ومتعاونة.
لكن يقول: صار يجلس مع صحبة خبيثة، و أثروا عليه في المخدرات، وصار يتعاطاها.
يقول: ثم انقلب على الأسرة، فأصبح يلعن ويسب ويشتم، ويقذف، ويضرب، ويسيء إساءات عظيمة جدا،ً وكان يعمل في أحد الأماكن ونتيجة الانقطاع عن العمل والاستهزاء، فصل عن العمل، وأصبح يبحث عن المال ليشتري هذا الذي ابتلي به، وصار يأتي إلى أمي، ‑وكان عند أمي بعض الأموال والنقود‑.
يقول : وصار كل يوم يأتي ويأخذ منها، والأم بحكم لعل الله يهديه كانت تعطيه ، ولما انتهى ما عند الأم جاء إليها ذات مرة.
وقال: أعطيني.
قالت: ما عندي شيء كله أخذته وصارت تتكلم عليه وقالت إلى متى وأنت في هذا الغي؟ إلى متى ستبقى على هذا الحال؟!.. تمزقنا
وكان يقول: وهو في حالة غضب، وأخذ السكين ، وطعن أمي.
يقول: طعنها طعنة فماتت.
يقول: تدخلت الشرطة وجاءوا إلينا، ومسكوا الوالد وأودع بالسجن المؤبد.
يقول: أنا وأخي أودعنا مركز الإصلاح ،وأختي الصغيرتين عمرهما سبع سنوات كذلك أودعتا في مكان، وذهبنا كل يبحث عن رزقه.
يقول: أنا ممن قدر لي بالانحراف مع الأسف الشديد، فصرت لا أبالي بالاستهزاء بالأخلاق والقيم وصرت أرتاد أماكن الدعارة والمجون ،ومرة من المرات كنت في مكان دعارة .
يقول: كانت فيه فتاة يعلو عليها سمات الخجل وسمات الجمال كذلك ،وكانت صغيرة في السن.
يقول …..فقلت: هذه لي هذه الليلة .
يقول: فقمت وجلست معها وأخذت أتحدث معها، وهكذا ونتجاذب أطراف الحديث.
يقول :أنا ألاحظ الفتاة كأنها تعيش مشاكل، وكأن هذا المكان ليس لها، وإنما أتت إليه مضطرة أو شيء من هذا القبيل.
يقول :فقلت أنا حقيقة سأحكي لك بعض قصتي وأريد إذا كان عندك قصص أو شيء تحكينها لي عن حياتك.
يقول: فصارت الفتاة تقص لي مأساتها.
يقول… قالت: كنا في البيت عندما كان عمري سبع سنوات، أنا وأختي.
تقول :كان أبونا يتعاطى المخدرات وقتل أمي فذهبت لمكان الإصلاح ،وذهب أخوي الاثنين لمنطقة الإصلاح ، ثم خرجنا.
تقول :فابتلينا بالانحراف وأنا ما أود أني أعمل هذا الشيء لكني كذا وكذا، فصارت تبرر
يقول :فعرفت أن هذه البنت هي أختي.
يقول: فقلت تعرفين اسم أخويك .
قالت: نعم اسمه فلان والثاني اسمه فلان.
يقول: فإذا بها ذكرت أسمي .
فقلت :أنتي يبدوا أن اسمك فلانة سماها باسمها واسم أختك الثانية فلانة.
قالت :نعم من الذي أعلمك .
قال :أنا أخوك .
قال :أعوذ بالله يعني وصلنا إلى هذه الدرجة.
يقول: فبكيت بكاءً عظيماً ومراً، وبكت هي كذلك بكاءً عظيماً ومراً، وعاهدنا الله سبحانه وتعالى أن نفتح صفحة جديدة وأن نبني أنفسنا على دين الله، وعلى منهج الله …..
فهذا نموذج في الحقيقة من ضياع الأسر وتفككها ، بسبب تعاطي المخدرات وبسبب الابتلاء بها نسأل الله ألا يبتلينا وإياكم إلا بخير. والقصص كثيرة جداً جداً . لا مجال للحديث عنها .
المخدرات وغزو بلاد المسلمين:
نستطيع أن نقول: أن تعاطي المخدرات في الحقيقة وسيلة من وسائل الأعداء لغزو الأمة الإسلامية ، فهل ترضى أن نكون أو أن نضع ظهورنا جسوراً لأعداء الله من اليهود والنصارى والشيوعيين، ليعبروا على ظهورنا لضرب أمتنا الإسلامية ، وسلب مقدساتها ، وسلب أموالها، نحن نعرف يا إخوان أنه كما حدث في بعض الحروب بين البلاد الكبرى أنه ما انهزمت الدولة المضادة إلا بعد أن غزوها بالأفيون ،و بالحشيش ،والمخدرات، وما في حكمها . هي في الحقيقة من أهداف الأعداء البعيدة ، وأنا قد سمعت أن هناك بعض الجهات المشبوهة والأجنبية يقولون إنهم والله يدفعون أموالاً طائلة من جيوبهم الخاصة ومؤسسات تعمل لهذا الشيء لمحاولة إيصالها أي “المخدرات” وما في حكمها إلى بلاد المسلمين وخاصة بلادنا نحن المحافظة، لأنهم يعلمون أن الأمة الإسلامية مادامت متمسكة بدينها وبعقيدتها ليس لهم عليها سبيل، لكن إذا فككت هذه الأمة إما عن طريق المرأة، وإما عن طريق المخدر، وغيرها هنا استطاع الأعداء أن ينفذوا إلى قلبنا ،واستطاعوا أن يستولوا علينا في يوم من الأيام، والأعداء أيها الإخوة يخططون لمئات السنين، لا يخططون لسنةٍ ولا لسنتين ولا لأربع سنوات أو نحو ذلك، فمن هنا أيها الإخوة يتبين لنا أن أعداء الإسلام يحرصون أشد الحرص على غزو الأمة الإسلامية عن طريق هذا المخدر، ولذلك أي سبب من الأسباب يضعف الأمة الإسلامية، وأنت تكون سبباً في ذلك فأنت آثم وأنت تتحمل المسئولية أمام الله سبحانه وتعالى، وكما روي {كل منكم على ثغرة من ثغور الإسلام فالله الله أن يؤتى الإسلام من قبلك}[30]، وكل فرد منا سيحاسب أمام الله سبحانه وتعالى عن ماذا قدم لأمته، وعما نصح لهذه الأمة ،وعما شارك في تحمل المسئولية أمام الله سبحانه وتعالى، والأدلة كثيرة في هذا المجال لا مجال لحصرها .
ضحايا المخدرات أكثر من الحربين العالميتين:
في دراسة أجنبية معاصرة أن عدد الأشخاص الذين قضت عليهم المخدرات في هذا القرن بشكل مباشر أو غير مباشر يعادل عدد الأشخاص الذين سقطوا صرعى في الحربين العالميتين الأولى (1914ـ1918م) والثانية (1939ـ1945م).
وعدد الضحايا الهائل هذا لم يردع مدمني المخدرات وكثيراً ممن يتعاطها حيث تدل الإحصائيات أن شخصاً واحداً من كل 30 شخصاً في بلدان عربية وأمريكية وأوربية يتعاطى المخدرات إلى حد الإدمان، وأن نسبة من تذوقوها في سن معينة يصل إلى أكثر من خمس السكان، وهذه نسبة عالية جداً .
وسائل الأعداء وصدها:
وقد بدأ داء المخدرات يزحف ـ مع الأسف ـ إلى بلداننا العربية والإسلامية ، بل إن بعض هذه البلدان متهمة بأنها تشجع زراعة أصناف معينة من المخدرات مثل: الحشيش، والخشخاش ، بدلاً من أن تكافح.
إن استفحال هذا الداء في بلداننا العربية والإسلامية يجعلنا نتساءل عن حكم تعاطي المخدرات في الشريعة الإسلامية.
لقد حظر الإسلام تعاطي المخدرات سواء أكان ذلك في آيات القرآن، أم في الأحاديث الصحيحة المنقولة عن رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ، أم في تخريجات الفقهاء، السالفين والمعاصرين .[31]
و أقول أن أعداء الإسلام يحرصون على غزونا بكل وسيلة من وسائل الغزو، ومنها: المجلات الخليعة، وأفلام الفيديو الساقطة مثلاً ،ومنها المخدرات التي صاروا مع الأسف الشديد يستغلونها كسلاح موجه ضد الأمة الإسلامية، فلذلك ينبغي علينا جميعاً أفراداً وجماعات، ومسئولين، ومدرسين ، وعلماء، وخطباء مساجد، وشباباً ،كباراً وصغاراً ، أن ننتبه لهذا الداء الذي ابتلينا فيه، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم عند حسن الظن ، لمكافحة مثل هذه الأمراض التي أحياناً قد يبتلي الله الناس بها، ويختبرهم هل يستقيمون على منهجه، أم ينحرفون لا سمح الله ولذلك ننصح الآباء ، والمربين ، والموجهين ، أن يهتموا بشبابنا من هذه المخدرات بشتى الوسائل .
ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
أولاً: نشر الوازع الديني في صفوف الشباب ، هذا أمر مهم جداً ، ويجب مكافحة هذه المخدرات وغيرها فالشباب الذي لا دين عنده، ولا وازع ديني، تجده مع الأسف أقرب للانهيار، وأقرب لجلساء السوء، وأقرب لانحطاط الخلق ، بكل ما تحمله كلمة انحطاط من معنى، فلذلك هذه مهمة المربين ، والعلماء ، والموجهين ، وأجهزة الإعلام ، وغيرها ، أن تنمي الوازع الديني في صفوف الشباب لماذا ؟ لأن الإنسان إذا كان يملك الوازع الديني صار يترك المخدرات لا خوفاً من السلطة وإنما خوفاً من الله ، لذلك يتجنبها سراً وعلناً فهذه نقطه مهمة .
ثانياً: التعاون على مكافحتها بشتى أنواع التعاون ، فلو عرفت أن فلاناً من الناس يتعاطاها فحرام عليك أن تسكت عنه بل يجب عليك أن تخبر عنه بأي طريقة من أنواع الإخبار، وأنواع الإخبار متعددة ومتنوعة ومن أرادها فهي موجودة وميسرة، أما أن تسكت عنه بحجة أنه صديق أو أنه جار أو كذا ، فأنت آثم قال صلى الله عليه وسلم: {.. ولعن الله من آوى محدثا}[32] وقال عليه الصلاة والسلام: { من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان }[33] .
ثالثاً: تحمل الأب المسئولية ، الأب يجب أن يراقب أبناءه مراقبة دقيقة جداً، وينظر من يجلس معه، لأن الجليس الصالح له دور كبير في نشر الخير لابنك والجليس السوء له دور كبير في هدم الأخلاق في ابنك وقد ورد عن رسول الله عليه الصلاة والسلام: { كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته }[34]. فيجب على الأب أن يتحمل المسئولية ويناقش أبناءه وينظر مع من يجلس ، ويزور المدرسة ويتعرف على مدير المدرسة ،وعلى مدرسي ابنه حتى يعرف أن ابنه في جو خير، وفيه مصلحة وفيه فائدة .
وهناك في الحقيقة وسائل كثيرة جداً لا مجال لحصرها، ربما إن شاء الله نشير إليها في بعض الإشارات .
وأترك الحديث لأخي الرائد لعله يضيف بعض ما نقص منا .
كيف تكون المخدرات من أكبر الأخطار وأشدها ضررا ؟
الرائد عثمان العساف
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والصلاة والسلام على رسول الله ، الذي أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح الأمة، وأصبحنا كما وصفنا الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: } كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر {[35] الآية.
أود أن أوجه تقديري إلى إدارة مدرسة ابن بشر المتوسطة ، التي أتاحت لي هذه الفرصة للتحدث إليكم في واحد من الموضوعات التي فرضت نفسها على ساحة الاهتمام العالمي المعاصر ، جنباً إلى جنب مع الفتن والحروب ،وكوارث الطبيعة ،وتلك هي مشكلة تعاطي المخدرات ، والآثار السيئة التي تصيب الفرد ، والمجتمع من جرائها ، إن التفسير الطبيعي للأمور يوضح أن المخدرات أشد فتكاً ، وخطراً على الإنسان والمجتمع من الحروب ، والأوبئة ، وكوارث الطبيعة، ولعلكم تنسون قولي هذا، ولكنكم سوف تتفقون بما لدي من قناعة ، وتوافقون على ما أقول لكم وسوف أوضح ذلك على ما يلي :
إن الحروب على سبيل المثال عملية تتكون من طرفين محاربين أحدهما: هو المعتدي ، والأخر: هو المعتدى عليه ، وكوارث الطبيعة كالبراكين ، والزلازل ، و الفيظانات ، والسيول عمليات تتكون أيضاً من طرفين ، أحدهما: يمثل الفاعل وهو الله ، والآخر: يمثل المتأثر من ذلك وهو الإنسان ، والأوبئة أيضا عملية ثنائية الطرفين . والطرفان هما الميكروب الحامل للوباء ، والإنسان أيضا ، إذا فالحروب وكوارث الطبيعة والأوبئة عمليات فيها معتدى ومعتدى عليه، وثائر ومتأثر ، وميكروب ومريض وفي تلك المخاطر جميعا يكون تحرك الإنسان إلى الوراء مدفوع بحب البقاء والحفاظ على الحضارة والأمل في المستقبل ، أما تعاطي المخدرات فإنه سلوك غاية في الغرابة ، وإثارة الدهشة ففي تعاطي المخدرات يكون المعتدي والمعتدى عليه إنساناً واحداً ، ويكون الفاعل والمتعدي شخصاً واحداً ويكون الميكروب والمريض شخصاً واحداً أيضاً .
أجل أيها الأخوة إن مدمن المخدرات هو الذي يسعى إلى الحصول عليها يشتريها بماله الخاص يدفع منها ثمناً باهظاً ، هو الذي يفعل ذلك ثم يخفيها عن الآخرين ليخلو بها إلى بيته يغلق دونه باب غرفته ، ثم بيده هو يضعها بفمه أو يحقنها في دمه أو يستنشقها في أنفه، أي أسف يشعر به الإنسان العاقل إذ يرى ابنه أو أخيه أو أحد أقاربه أو صديقه في الصورة الواقعية التي عرضتها عليكم !!! يراه يشتري بماله الخاص تلك السموم ويضعها بيده أو في فمه ، أو يحقنها بيده في دمه ، أو يستنشقها في أنفه ، يفعل الشخص ذلك وهو واقع في تأثير الحاجة إلى المخدر ذلك المخدر اللعين الذي يدمر صحته و يفتك بعقله . يؤثر على أعصابه يعجزه عن أداء عمله يفتح له باباً إلى الجريمة ، يجعل منه عبئاً ثقيلاً على نفسه، وأهله، ومجتمعه، إن المال أيها الأخوة نعمة ينعم الله بها علينا لكي نحسن استثماره في تطوير حياتنا، وتحقيق مستقبلاً أفضل لنا ولأبنائنا ، والصحة نعمة وهبنا الله إياها لكي نتقن العمل ونزيد الاجتهاد ، ونعيش في هناء وسعادة مع أهلنا وذوينا فهل من العقل والمنطق أن نبذر المال نشتري به الدمار لنا ولغيرنا ، وأن نضيع صحتنا ونعرض أنفسنا للاضطرابات النفسية والعصبية ولغيرهما ، من الأمراض التي ثبت علمياً وطبياً أن تعاطي المخدرات سبب مباشر للإصابة بها ، وماذا تقولون عندما تعلمون أن من بين تلك الأمراض يقف مرض السرطان والإيدز والعياذ بالله ، والآن ألا تتفقون معي فيما سبق قوله بأن المخدرات أكبر خطراً وضرراً من الحروب ، والأوبئة ، والزلازل ، والبراكين ، و الفيظانات ، والسيول ، أيها الإخوة إننا نعيش في بلاد شهدت وعايشت وناصرت الإسلام ولله الحمد ، ونعيش في بلاد منَّ الله عليها في كثير من النعم والخيرات مما يستحق حمد الله والتضرع إليه بما يجلب مرضاته علينا ، وإن كان المواطن السعودي والمقيم ينعم في هذه البلاد بالأمن والأمان والرخاء فمن واجبنا لبلادنا أن نصون ذلك الأمن والأمان ، وأن نحافظ على ما لدينا من خيرات. والمحافظة على الأمن تكون باجتناب كل ما من شأنه التأثير على الأمن من سلوكيات مخالفة، وأعمال تعبث بأمن الآخرين واستقرارهم ، وبالطبع لعلكم تتفقون معي على أن تعاطي وإدمان المخدرات يهدد أمن الوطن والمواطن ، أجل المخدرات تهدد أمن الوطن من خلال كونها سبباً مباشراً لوقوع المصائب للمدن والمتعاطي ……
المصائب التي تقع لمتعاطي المخدرات :
1 ــــ أن المدمن يحتاج والعياذ بالله إلى المزيد من جرعات المخدر ، وبالتالي يحتاج إلى المال لشراء المخدر ، وحيث أن سعر المواد المخدرة مرتفعة جداً.. فإن المدمن قد يندفع إلى ارتكاب السرقة ، أو ربما القتل للحصول على المال الذي يشتري به المخدر ، مثل ما وقع في القصة السابقة .
2 ـــ أن من يستعمل المخدرات يصبح تحت تأثير الإدمان إنسانا كسولا عليلا فاقد النشاط والحيوية غير متحمس ، لأي عمل جاد وشريف ، ولذلك يتعرض للفصل من العمل ، وبالتالي يكون مهيأ لارتكاب الجريمة .
3 ــ أن مستعمل المخدرات لا يهتم بشيء ، في هذه الدنيا إلا بالمخدر اللعين الذي وقع فريسة سهلة له ومن ثم يتحول المدمن إلى إنسان مستهتر لا يرعى شؤون زوجته وأولاده ولا يصل الرحم ولا يحترم الجار ولا يصون العرض والشرف أو السمعة .
4 ــ أن المدمن أيها الإخوة يفقد والعياذ بالله إحساسه بالغيرة ، والكرامة ، ويستهتر بكل القيم المرعية والإنسان المستهتر يصبح عرضة للتأثير من جانب القوى الشريرة التي لا تريد لهذا البلد ولا لأهله خيراً .
أيها الأخوة تلك بعض الأخطار والأضرار التي تسببها المخدرات للفرد .
بعض الأضرار والمخاطر التي تسببها المخدرات للمجتمع :
حيث إن الفرد عضو في المجتمع يؤثر في الإيجاب والسلب ، فإننا سنتعرض لبعض الأضرار والمخاطر التي تسببها المخدرات للمجتمع فيما بلي :
1 ـــ أن المخدرات تدمر عقل الإنسان ، وبالتالي يصبح المدمن عبئاً ثقيلاً على المجتمع ، لأنه يتطلب العلاج من الإدمان ، وذلك يكلف ميزانية الدولة مبالغ كبيرة من المفروض أن توجه لبناء المشروعات ، ولخير المواطن بدلاً من استهلاكها في علاج شخص سقيم خدعته أوهام يروجها أشرار استبد بهم الطمع وحب المال فأرداهم في هاوية الجريمة والإفساد بين الناس .
2 ـــ كما سبقت الإشارة بتهاون المدمن في أداء واجبه نحو دينه ، ونفسه ، وأهله ، وعمله، يتعرض للفصل من العمل ، ومن ثم تزداد البطالة في المجتمع ، فيما يحمله ذلك في تهيئة الفرص لارتكاب الجريمة .
3 ـــ أن إضعاف الشباب من الناحتين الجسمية ، والعقلية ، وكذا استهلاك مبالغ مالية كبيرة في علاج ورعاية تأهيل المدمنين يؤديان سلباً على تنفيذ ، الخطط التنموية الوطنية ، وبذلك يسهم المدمن بطريق مباشر للإضرار ببلاده كما أنه يضع نفسه معول هدم ليقف دون التطور ، والتقدم ، أولئك الذين يهدفون للنيل من تقدم البشرية وازدهارها .

الآثار الناجمة عن تعاطي المخدرات :
تمكن الأطباء من حصر الأمراض والأعراض الناتجة عن تعاطي المخدرات كل عقار على حدة .
الآثار الناتجة عن تعاطي الأفيون:
بطءُ التنفس ، القلق، التوتر ، التهيج ، بطءُ دقات القلب ، القيء، فقدان الشهية ، ضيق حدقتي العين ، التثاؤب ، الارتعاش، برودة الجسم ، ضعف البنية ، زرقة في لون الجلد ، ضعف جنسي واضح ،توقف الدورة الدموية ، فقدان البصر ، الوفاة العاجلة.
vالآثار الناجمة عن تعاطي الهيروين :
قلة النوم ، الأرق ، حالات من السرطان ، تلف الحاجب الأفقي ، تصلب الشرايين ، انسداد الشرايين ، التهابات موضعية تحت الجلد ، فقدان الشهية ، تخثر الدم ، انخفاض ضغط الدم، البلادة ، التراخي ، ضيق حدقة العين ، جلطة القلب والرئة ، ضعف حركة الأمعاء ، الإمساك ، التهاب المثانة ، انعدام المناعة ، تليف الكبد ، زيادة السكر في الدم ، الضعف ، الهزل، السل ، الوفاة .
vالآثار الناجمة عن تعاطي الحشيش :
الدمامل الجلدية ، التهابات الأنسجة ، مرض السل ، جلطات الأطراف ،مرض انعدام المناعة الإيدز ، شعور المتعاطي بالانشراح والابتهاج والضحك ثم الثقة بالنفس ، زيادة الشهية ، وفي حالة زيادة الجرعة تؤدي الى زيف الإدراك الحسي ، عدم الاكتراث واللامبالاة ، ونقص الطموح ، وعدم التركيز والتذكير ، والمدمن المزمن يبدو عليه النعاس وكثرة العرق، ويكون وجهه شديد الشحوب ويكون مهملاً لملابسه وتكون عليها آثار حروق صغيرة حدثت من إهماله أثناء التعاطي ، وقلة الإنتاج وأمراض الذهن الناتجة عن التعاطي .
v المضاعفات :
فقدان الشهية ، الهزال ، الضعف الجنسي ، النعاس ، ثقل اللسان، تقيح الجلد ، تسمم الدم، خفض التركيز ، الزهري، حوادث السير ، التشنجات ، السرقة، الدعارة ، تدهور المستوى الدراسي ، الكسل ، الإهمال ، الكذب ، الانزواء ، الاختلاط الدائم بالمدمنين.
v الآثار الناجمة عن المنشطات والمنبهات :
شعور المتعاطي عادة باليقظة والانتباه وذلك لتزايد النشاط الذهني والبدني وسرعان ما يزول ، شعور المتعاطي بزيادة في الثقة بالنفس ، والقدرة على المبادرة على الرغم من كثرة الأخطاء المتمثلة في الآتي :
القلق ، العصبية ، التوتر الجسمي ، رعشة اليـدين سـرعة دقات القلب ،ارتفـاع درجة الحرارة ، وضغط الدم ،ضعف الشهية ، احتقان الوجه ، التهيج العصبي في بعـض الأحيان ، الصـرع ، الوفاة .[36]
أيها الأخوة نظراً لجميع الأضرار التي تعرضنا لجزءٍ منها ،والتي تصيب الفرد والمجتمع وتهدده لحدوث الأضرار الجسمية لكل منها ، فقد صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز حفظه الله ، بالموافقة على فتوى هيئة كبار العلماء التي تقضي بإعدام مهرب المخدرات، ومستقبلها، ومروجها ، إذا تكرر منه ذلك ، وبالفعل تم تنفيذ حكم القتل في عدة أشخاص من جنسيات مختلفة ، ممن ثبتت عليه تهمة تهريب المخدرات إلى داخل هذا البلد الخير ، وقد كان من النتائج الإيجابية المباشرة لهذا القرار أن انخفضت نسبة المواد المخدرة المهربة إلى بـلادنا بنسبة 45 % ، وتلك نسبة نأمل أن تزداد باستمرار إلى أن يتسنى لهذه البلاد الطيبة أن تعيش في مجتمع خال من المخدرات وويلاته بإذن الله .
إذا رأيت من تورط بالمخدرات ماذا تفعل؟
وبعد فلا أريد أن أطيل عليكم بأشياء تعرفون عنها الكثير ، لكن هنا أتحدث إليكم داعياً إياكم أن تأخذوا بالحذر والحرص من كل من يحاول أن يغريكم بالتورط في تعاطي المخدرات لا قدر الله ، وألا تترددوا أبدا في الاتصال بنا على هاتف رقم 995 والإبلاغ عمن تتأكدون أنه يقوم بترويج المخدرات أو تعاطيها ، ونعدكم أن يضل هذا البلاغ سراً دفيناً لا يصل إلى المشبوه مطلقاً، إنكم بذلك تقدمون خدمة جليلة لدينكم ولبلادكم وأهلكم ولأنفسكم ، فالمروج إذاَ تهاونا في قبضه اليوم فلربما تمكن من انحراف أحد أقاربكم، أو أبناءكم ، أو عليكم أنتم ، والمدمن إذا تركناه بدون علاج فقد تصل عدوى أشراره إليكم أو لأحد أقاربكم كذلك أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله ، وإقامة الصلاة ، والابتعاد عما يغضب الله إنه قريب مجيب الدعاء آمين ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
ما يقع به بعض الطلاب :
لا يتردد أحد في تفتيش ابنه ، وتفتيش الابن أعتقد أنه واجب على الآباء فهم المسئولين أمام الله على أبنائهم { كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته }[37] فالشرارة ممكن تسبب حرائق كـبيرة، لكن في البداية ممكن نطفئها ، فمراقبة الابن في البداية من أهم الأشياء ، لحفظ البناء بإذن الله .
فبعض الطلاب الفاشلين الذي يفرطون بالدراسة في بداية العام ، يأتون في النهاية يجدون عندهم كمية كبيرة من المواد الدراسية لا يستطيعون استيعابها في أيام معدودة ، فيظنون أنهم لو استعملوا هذه الحبوب لنجحوا ، لان الإنسان يمكن يستعمل فيبقى مستيقظاً لكن في الليلة الثانية إذا لم يستعمل حبة أخرى سينام فيستعمل حبة أخرى في النهاية الحبوب تؤثر على قلبه فيمكن أن تبقى عيونه مفتوحة لكن قلبه نائم فكثير من الحوادث التي تقع الأيام هذه في وفاة عدد كبير من الطلبة من استعمال الحبوب ، لأنه يستعملها في مرات كثيرة فتأثيرها واضح على القلب وعلى أجهزة الجسم ، ومن الأنواع الهروين ، وهو أخطر أنواع المخدرات والحمد لله لم ينتشر عندنا . وهو يشبه السكر المطحون وهو أنواع متعدد منه الأبيض ، والبني نسأل الله أن يبعدنا ويكفينا شراره .
الأسئلة :
ونترك المجال لأسئلة الطلاب وولاة الأمور.
ـــ نبدأ بطرح الأسئلة التي وصلت إلينا من الإخوة الحضور :

ü السؤال الأول: د: فهد
ü ما هي الطريقة التي تساعد على التخلص من المخدرات ورفقاء السوء؟
الجواب …أنا ذكرت بعضاً منها والوسائل كثيرة جداً ، لو جلسنا في محاضرة كاملة لما وفيناها حقها ، ولكن أهم وسيلة من وسائل المكافحة هو في الحقيقة الجليس الصالح ، يعني بعبارة أخرى أنك أيها الشاب في بداية أمرك في بداية حياتك ابحث عن جلساء صالحين، وطيبين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ويشجعونك على الصلاة ،أو يساعدونك في وقت الضيق ، أو أن يصيبك أي شئ فتجدهم يشدوا على عضدك إلى طريق الخير ، وإلى طريق السلامة في الدنيا والآخرة ، واحرص أشد الحرص كذلك على أن تكون أيها الشاب في بداية حياتك تستأنس بمن هم أكبر منك سناً ، ومن هم أعلم منك ، فإذا أشكل عليك أي شئ في أمر دينك ، أو دنياك ، فتسأل العلماء وتستشيرهم وتأخذ آرائهم أفضل مما تقول هذا أمر بسيط أن أعمل شئ طبيعي وعادي ، بينما قد يكون أمر عظيم جـداً قال تعـالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}[38] ، والحمد لله في كل مدرسة يوجد نخبة من مدرسي الدين ، الذين يحرصون أشد الحرص على تربية أبناءنا من الناحية الإسلامية ، فكذلك احرص على سؤالهم عن ما يشكل عليك في دينك ، فأنت عندما يشكل عليك شئ في دنياك نجدك تهرع إلى المستشارين في شتى التخصصات ، فلو أصابك مرض نجدك تهرع إلي الطبيب لمعالجتك فحاجتك في دينك يا أخي أولى ، وأهم وسيلة كذلك أن تركز على طلب العلم ، وطلب المعرفة ، وألا تستمع للأغاني المحرمة ، و لا تنظر للأفلام الخليعة ؛ لأن سماعك للأغاني المحرمة ورؤيتك للأفلام الساقطة لا شك أن هذا قد يوجد عندك شئ من اللامبالاة في دينك وفي عرضك ونحو ذلك ، فإدمانك على قراءة هذه الأشياء أو رؤيتها قد يؤدي بك إلى المخدرات من حيث لا تشعر لذلك ننصحك كذلك بالابتعاد عن هذا الجليس السيء الذي هو الفلم الخليع ، أو ما في حكمه ، أو أغنية ماجنة ، أو خليعة واحرص على المجلات الإسلامية المفيدة النافعة ، كالمجتمع ، والدعوة ، والبيان ، والاقتصاد، ومنار الإسلام، ومجلة الإصلاح وغيرها من المجلات الإسلامية ، واحرص على الأفلام الطيبة وهي موجودة ولله الحمد حوالي 300 فلم إسلامي كلها تعالج قضايا الإسلام والمسلمين وهي موجودة في مركز الهداية في الملز ، أو في مركز قرطبة للأفلام الإسلامية في الملز. فما عليك إذا ابتليت بجهاز الفيديو أنك تحرص على شراء هذه الأفلام ، أو استئجارها، ففيها المحاضرة وفيها الندوة ، وفيها الجهاد ، وفيها المحاضرات العلمية ، وفيها التعليم لسائر التخصصات ، كالمواد العلمية وغيرها وفيها أفلام الحقيقة ، كل يوم جزاهم الله خير يبتكرون ويأتون بأفلام مفيدة ونافعة فلا تتصور أنه ما توجد إلا أفلام ساقطة ، بدأ يغزو الأسواق أفلام طيبة ونافعة ، ومفيدة ما عليك إلا البحث عنها إن كنت ممن يوجد عنده هذا الجهاز والله أعلم .
الرائد عثمان العساف هناك إضافة بسيطة لما تكلم فيه فضيلة الشيخ ؛
فأحمل المسئولية أولياء الأمور، أحملهم هم وإدارة المدرسة ، وبين أولياء الأمور استقامة الطالب ، وتأثره فيجب أن يكون هناك اتصال مستمر بين ولي الأمر وبين إدارة المدرسة ، ففيه احتمال أن الطالب يأتي المدرسة وهو في حالة غير طبيعية ، فيجب على الأب أن يتابع ابنه، فلماذا لا نكون نحن أصدقاء لأبنائنا حتى نتخلص من رفقاء السوء ؟ لماذا لا نزيل الحاجز الذي بيننا وبينهم ؟ ونعرف ما هي المشاكل الموجودة عندهم ؟ نحاول أن نحلها فلا نتركهم، ونقول هذا طفل صغير. فلابد من البداية أن نتابع أبناءنا من هم أصدقاءهم ؟ أين يذهبون في الليل؟ هل يتسكعون في الشوارع طوال الليل ؟ لماذا يتأخرون حتى ساعات متأخرة من الليل في الشوارع ؟ فكل هذه الأشياء لحماية أبناءنا ، ممكن يتضايق الأبناء لماذا والدي لا يتركني أفعل مثل غيري ؟ بالعكس فالابن مستقبلاً يعرف النتيجة هذه فكم شاهدنا آباء يأتون ودموعهم تنزل من أعينهم لماذا ؟ فقدوا أبناءهم !! لأي سبب ؟ لإهمالهم لهم ، يسافر الأب ويترك الابن يعبث ويذهب ويتصل بأصدقاء آخرين قد يكون الابن صالحاً بالبداية لكن مع مرور الأيام يفسد خاصة بعدم وجود أي رقابة عليه .
ü سؤال / هل يشجع المواطنون إذا بلغوا عن مهربي مخدرات ؟
الجواب …. نشجعهم وهناك مكافئات مجزية سواء للصغير ، أو الكبير. لأن الإجراءات ليست بمجرد أي بلاغ عن شخص أننا نذهب ونقبض عليه ، هناك إجراءات يجب عملها ، الرقم الذي أعطيتكم إياه ، وهو 995 يتصل فيه من لا يستطيع الحضور ، لأن هذا يعتبر واجب ديني، ووطني، وإنساني، ومثل ما قاله فضيلة الشيخ يأثم من يعرف مروجين ، أو مهربين ، أو مستخدمين ولو سكت عليه فالساكت عن الشر كفاعله ، قال تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان {[39]، بالعكس نحن نشجع ونعطي مكافآت وشهادات تقدير وكل هذا حاجات معروفة وموضحة من خلال وسائل الإعلام.
ü سؤال : بعيدا عن المخدرات ماذا يفعل الطالب الذي يجد الطريق أمامه
مفتوحاً لفعل ما يشاء دون رقيب وحسيب ؟
‑ د: فهد
الجواب …. صحيح أن الأب علـيه مـسئولية توجيـه ابنه قال علـيه الصلاة والسلام { كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته}[40] ، إنما أنا أود أن أطرح سؤالا على أساس ، افرض أن والدك ميت وأنك نشأت يتيماً ، فهل يعني ذلك إذا نشأت يتيماً أنك ما تتحمل المسئولية أمام الله تعالى؟! وهل يسوغ لك شرعاً أن تنحرف؟! هل يسوغ لك أن تسكر؟! هل يسوغ لك أن تترك الصلاة بحجة أن ما عندك والد وأن ما عندك أهل؟! هذا غير صحيح إذا بلغ الإنسان سن الخامسة عشر خلاص بدأ في سن التكليف بدأت الملائكة تكتب عليه الخير و الشر قال تعالى: } كل نفس بما كسبت رهينة }[41] . وثق تمام الثقة أنك ستدفن في حفرة لوحدك ليس عندك والله إلا عملك الصالح قال عليه الصلاة والسلام: {إذا مات الإنسان انقطع عنه عمـله إلا من ثـلاثة إلا من: صدقة جاريـة أو علـم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له }[42]. يا أخي الشاب عليك مسئولية أمام الله سبحانه وتعالى أنت كما أنك تحرص على الدراسة وتأتي في الوقت المناسب وتنضبط في الدخول والخروج وتعرف ماذا لك وماذا عليك ، فهذه أمور الدنيا كذلك أمور الدين يجب عليك أن تسال عما يشكل عليك في دينك وبجب عليك أن تكون نواة طيبة ، فمثلاً لو وجد أب فاسد يشرب الخمور لا يزكي مثلاً ، إذا وجد هذا الأب وأنت موجود في البيت خلاص ترفع عنك المسئولية أمام الله ، معناه هل نقول ممكن أيها الابن تزني ، وممكن تسرق ، وممكن تشرب الخمر إقتداء بوالدك … لا هذا ما يمكن أبوك سيتحمل المسئولية أمام الله وسيدفن في حفرة واحدة و أنت تتحمل المسئولية أمام الله سبحانه وتعالى ويجب عليك أن تتحمل المسئولية ، وعمل والدك هذا ليس من البر أنك تسلك مسلكه أو تنهج منهجه ، إنما بالعكس يجب أن تضاعف مسئوليتك أمام الله كشاب متعلم ، يمكن أبوك ما تعلم ولا تثقف ولا عرف الدين ولا أهميته وفضله ، لكن أنت تختلف عنه إذا أتيحت لك فرصة الدراسة وفرصة الاحتكاك بالمدرسين الواعين الناصحين وفرصة سماع الخطب التي تحثك على الخير، فالمسئولية عليك كبيرة لأنك ربما تكون سبباً فى إنقاذ والدك ، وأنا أعرف قصصاً ، حكى لي كثير من الشباب عنها وكثير من الأباء أن أبناءهم والله هم السبب في إنقاذهم مما هم فيه من بلاء ، ومصائب ، ومشاكل كثيرة ، فأخي الفاضل لا تحتقر نفسك ولا تقل أنا صغير، لا يا أخي المرء فيه صغيرين عقله ولسانه فلنتق الله ولنتحمل المسئولية من الصغر ، ولنتعاون على البر والتقوى ولنتواصى على الخير وصلى الله على نبينا محمد .

ü سؤال موجه للرائد : إذا قبض على المجرم وعرض على المسئولين أن تعلموا
بجميع الأخبار وساعدكم على التعرف على المجرمين بشرط الإفراج عنه فهل توافق الجهة المسئولة أم لا ؟
الجواب… إذا قبض عليه يجب أن يدلي بكامل المعلومات التي يعرفها ويتساعد مع المسئولين أما إطلاقه فهذا راجع إلى ولاة الأمر .
ü سؤال د: فهد : ما أضرار المخدرات على المجتمع بشكل عام ؟
الجواب… الرائد سرد كثير منها وأنا سردت بعضاً منها أنا تقريباً ركزت على الناحية الاجتماعية والرائد ركز على الناحية الصحية والعقلية وما تحدث للمتعاطي من أمراض صحية واجتماعية فأعتقد أن المحاضرة من أولها إلى آخرها تدور حول الأضرار والمآسي وضربنا لكم أمثله وقصص نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفع بها .

ü سؤال للرائد : كيف يقلع المدمن عن المخدرات ؟
الجواب… حكومتنا الرشيدة أنشأت ثلاث مستشفيات في مناطق المملكة خاصة لمعالجة المدمنين ، منها المدمن الذي يسلم نفسه ، أو يذهب به أهله إلى المستشفى ، هذا لا يسأل أبداً يعالج كمريض ، وليس كمجرم وبعدها يعود إلى أهله وإلى ذويه معافى بإذن الله ، في حال ضبط شخص يعني ما سلم نفسه لكن قبض عليه من قبل رجال الأمن فهذا يكون عليه عقوبة لكن عقوبة مخففة يعطى فرصة المرة الأولى ، ففيه احتمال إنشاء الله أنه يعود مشافى معافى من الإدمان ، وأنا أسأل أي شخص لديه قريب ، أو ابن ، أو أخ متورط في إدمان المخدرات ، أو استعمال المخدرات ، أن يذهب به إلى المستشفى مباشرة ،كأنه مريض من اللوز فيعتبر مريض ، ولا يعتبر مجرم ، أو منبوذ من المجتمع ، إنسان تورط في رفقاء سوء أو تورط فيها بجهل فليس معناه أنا نتركه وننبذه بنظرة احتقار ، لا بل يجب أن نعالجه ليعود مشافى ويعود إلى أهله ويعود إلى عمله وهو بكامل الصحة والعافية .
ــــ إضافة للشيخ فهد :
فعلاً هذه نقطة مهمة أشار إليها الرائد جزاه الله خيراً ، موضوع المستشفيات فمثلا مستشفى الأمل في طريق خريص النسيم هذا في الواقع مديره جزاه الله خيراً يستعين بالكلية عندنا ببعض المحاضرين ، وأنا متعاون معهم في إلقاء بعض المحاضرات الأسبوعية على المصابين ، وأتيحت لي فرصة الاجتماع معهم والتحدث معهم وإلقاء المحاضرات والكلمات، وأخذ الأسئلة منهم فالحقيقة خلط العلاج الإسلامي ، أو الديني، مع العلاج الذي يتلقونه بواسطة الإبر ونحو ذلك ، هي طريقة طيبة فعلاً قد ينفع وقد يفيد على المدى القريب ، وعلى المدى البعيد وقد لمست هذا الشيء من خلال حديثنا معهم وقد قال لي بعض المسئولين أن هذه الندوات لها ثمرة محسوسة وملموسة نظراً لما فيها من الفوائد .
في ختام هذه الندوة نشكر فضيلة الدكتور فهد العصيمي وسعادة الرائد عثمان العساف على حضورهما والمشاركة في هذه الندوة كما نشكركم على الحضور وحسن الاستماع والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الجهود الدولية في مكافحة المخدرات ودور المملكة في ذلك:
يتسم النشاط الإجرامي في المواد المخدرة بالطابع الدولي فهي جريمة دولية منظمة غير محدودة بمكان معين ، وقد تنبهت دول العالم إلى خطورة ذلك النشاط فعقدت المؤتمرات والاتفاقيات في سبيل كبح هذا النشاط الخطر ، بإحكام السيطرة على أماكن إنتاج المواد المخدرة ومراقبتها وقصر استخدامها على الأغراض الطبية والعلمية . وإرساء أنظمة الرقابة على الأدوية والمؤثرات العقلية في تصنيعها ، وذلك من خلال مراكز وأجهزة دولية تابعة للأمم المتحدة تمارس أعمالها وفق ما نصت عليه الاتفاقيات الدولية ، وقد تمخضت هذه الجهود عن نتائج ملموسة في بعض الجوانب كوضع برامج طويلة المدى للقضاء على بعض الزراعات للنباتات المخدرة التي تستغل في الاتجار الغير مشروع في بعض الدول وإحلال زراعات أخرى بديلة عنها وتقديم المعونات المادية والفنية والعلمية للدول المحتاجة لمساعدتها في أعمال المكافحة . وسنتطرق إلى أهم المؤتمرات والاتفاقيات العالمية والهيئات والمراكز الدولية المختصة بمكافحة المخدرات وجهود المملكة العربية السعودية في ذلك .
أولاً : المؤتمرات والاتفاقيات العالمية لمكافحة المخدرات :
1ــ أول مؤتمر دولي عقد لمعالجة مشكلة المخدرات كان في ( شنغهاي سنة 1909م) وكان بدعوة من الولايات المتحدة الأمريكية ولبت الدعوة (13) دولة وقد صدر عن هذا المؤتمر تسع قرارات وضعت الأسس الهادفة إلى قصر الإنتاج المشروع من المخدرات على الاحتياجات العالمية العلمية والدوائية وأسس التعاون الدولي لمكافحة الإنجاز غير المشروع في المخدرات والمواد المؤثرة على الحالة النفسية .
2ـــ اتفاقية الأفيون الدولية التي عقدت في لاهاي سنة 1912 م وهي خاصة بمراقبة إنتاج الأفيون الخام وتقييد تصديره واستعماله وقصره على الأغراض الطبية وقد تعهدت الدول المشاركة بذلك .
3ـــ اتفاقية جنيف للأفيون سنة 1925 م وهي خاصة بتنظيم استيراد وتصدير الأفيون المصنع للأغراض العلمية والطبية وتعتبر الخطوة الأولى في إرساء الرقابة على المخدرات باتباع شهادات الاستيراد والتصدير بالنسبة لتداول المخدرات بين الدول المستوردة والمصدرة .
4ـــ اتفاقية جنيف عام 1936 م وهي خاصة بردع الاتجار غير المشروع في المواد المخدرة وإلزام الدول الأعضاء بإصدار التشريعات اللازمة المتضمنة العقوبات الرادعة لممارسة صناعة المواد المخدرة وتحويلها واستخراجها وتحضيرها وإحرازها وتقديمها وعرضها للبيع وشرائها وبيعها والتنازل عنها بأي صفة كانت والسمسرة فيها وإرسالها ونقلها واستيرادها وتصديرها مخالفة لأحكام الاتفاقيات لعام 1912 م وعام 1931م كما تضمنت تسليم المجرمين وسرعة وسهولة الاتصال بالسلطات المختصة بمتابعة المخدرات .
5-الاتفاقية الوحيدة للمخدرات عام 1961م المعدلة بالبروتوكول عام 1972م وقد جمعت معظم أحكام الاتفاقيات التي سبقتها ومن أهم المبادئ التي أرستها :
‌أ) قصر استخدام المخدرات على الأغراض العلمية والطبية .
‌ب) تقنين العقاب على جرائم المخدرات .
‌ج) تقنين نظام تسليم المجرمين .
‌د) توسيع نطاق الرقابة الدولية على المخدرات .
هـ)إعمال مبدأ عالمية العقاب .
و) علاج المدمنين .
6ـــ اتفاقية المؤثرات العقلية سنة 1971م وهي خاصة بالرقابة على المواد المؤثرة على الحالة النفسية أو العقلية وقصر استعمالها على الأغراض العلمية والطبية حيث لم تتناول هذا الجانب الاتفاقيات السابقة .
7ـــ اتفاقية الأمم المتحدة لسنة 1988م لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية . وتضمنت عدة تدابير ألزمت دول الأعضاء باتخاذها ومراعاتها في قوانينه المحلية متعلقة بتجريم بعض الأفعال المتعلقة بالاتجار الغير المشروع في المواد المخدرة المؤثرات العقلية ومتابعة الأموال المتولدة عنها وملاحقة المجرمين وتسليمهم وإتاحة استخدام أسلوب التسليم المراقب والقضاء على الزراعات غير المشروعة للنباتات المخدرة وإلى غير ذلك من التدابير المتعلقة بمكافحة جرائم المخدرات .
ثانياً : الهيئات والمراكز الدولية لمكافحة المخدرات :
1) لجنة المخدرات:
أنشئت سنة 1946م وهي مختصة بتقرير السياسة العامة في مجال الرقابة على المخدرات وتتكون من (40) عضواً ينتخبون من بين دول أعضاء الأمم المتحدة وأعضاء اللجنة يمثلون دولهم وليسوا موظفين دوليين .
2) هيئة الرقابة الدولية على المخدرات:
وأنشئت هذه الهيئة بموجب الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لعام 1961م ومن أبرز مهامها الرقابة على زراعة المخدرات، وصناعتها، واستخدامها، وقصرها، على الأغراض الطبية، والعلمية، وضمان توفر الكمية المطلوبة من هذه المواد للأغراض المشروعة .
3) الصندوق الدولي لمكافحة إساءة استخدام المخدرات:
أنشئ هذا الصندوق عام 1971م ومصدر تمويله تبرعات الدول الأعضاء ويقوم بدور فعال في الحد من خطورة مشكلة المخدرات ؛ وذلك بإحلال زراعة نافعة مكان زراعة المخدرات، وتدعيم أجهزة المكافحة في الدول الأعضاء ورفع مستوى العاملين من رجال الأمن في مجالات المكافحة، وتوفير مرافق وتطوير أساليب علاج المدمنين، وتأهيلهم، وإجراء بحوث كيميائية ، وفارماكلوجية ، وطبية سيكولجية ، حول إساءة استعمال العقاقير ومكافحتها.
4) منظمة الصحة العالمية:
أنشئت سنة 1946م وأهم مسؤولياتها الجانب الصحي لمشكلة المخدرات حيث تقوم دورياً بتحليل أنواع المخدرات، وبيان أضرارها، وتقديم برامج علمية للتوعية بالتعاون مع المؤسسات والهيئات العاملة في هذا المجال وتوفير برامج علمية للعاملين في معالجة المدمنين وإعداد الدراسات الخاصة بإخضاع مواد جديدة للرقابة الدولية وتنظيم المؤتمرات الدولية والإقليمية لمناقشة مشكلة المخدرات من الناحية الصحية .
المنظمة الدولية للشرطة الجنائية [الأنتربول ]:
ويرجع تاريخ إنشائها لعام 1923م وهي مختصة بمكافحة الجريمة بكافة أنواعها على المستوى الدولي ولها نشاط بارز في مكافحة الاتجار غير المشروع في المواد اأما المراكز العربية لمكافحة المخدرات فتتمثل في :
1) المكتب العربي لشئون المخدرات:
وأنشئ في عام 1950م ويختص بالتنسيق بين أجهزة مكافحة المخدرات في الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية وتقديم التوصيات المتعلقة بمكافحة جرائم المخدرات وسبل التعاون في القضاء عليها ومقره عمان عاصمة الأردن وهو تابع في الوقت الحاضر لمجلس وزراء الداخلية العرب .
2) مجلس وزراء الداخلية العرب:
ومن الجهود المنبثقة عنه القانون العربي الموحد لمكافحة المخدرات وقد أقره المجلس في الدار البيضاء عام 1986م بوضع الاستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات وقد أقرها المجلس عام 1986م وتتضمن التعاون الجاد بين الدول العربية في مكافحة ترويج المخدرات وإيجاد مشروعات بديلة عن زراعة نباتات المخدرات .
3) المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب:
ومقره مدينة الرياض ويقوم بتنظيم الندوات واللقاءات لكبار المختصين وأساتذة الجامعة التي تبحث في مجال مكافحة المخدرات، وإعداد الدراسات والبحوث الخاصة بعلاج المشكلة بالإضافة إلى تدريب العاملين في مجال المكافحة وفق برامح خاصة يعقدها المركز[43].
ثالثاً: جهود المملكة العربية السعودية الإقليمية والدولية في مكافحة المخدرات:
تقوم المملكة بجهود فعالة على مستوى الإقليمي والدولي في مكافحة المخدرات فبرغم من أنها ليست بلداً منتجاً للمواد المخدرة إلا أنها تدعم البرامج الدولية الخاصة بمعالجة مشكلة المخدرات، وتساهم بتقديم المساعدات المادية والعينية للدول المحتاجة في سبيل القضاء على زراعات المواد المخدرة غير المشروعة، وإحلال مشاريع تنموية بديلة عنها ، كما تدعم المنظمات الدولية المتخصصة بمكافحة المخدرات خصوصاً التابعة للأمم المتحدة والمعنية بمكافحة المخدرات دعماً مالياً ومعنوياً ، وتشارك مشاركة فعالة في المؤتمرات والندوات التي تعقدها المنظمات الدولية من أجل الإسهام الفعال في تطوير الحوار الدولي المستمر لمكافحة المخدرات “علماً بأنها قد وقعت على جميع الاتفاقيات الدولية الخاصة بمكافحة المخدرات”[44]، كما عقدت اتفاقيات ثنائية مع العديد من الدول الصديقة والمجاورة لتنسيق وتنظيم سبل التعاون مع هذه الدول في مواجهة جرائم المخدرات[45]. وأثمر هذا التعاون في إحباط كثير من الجرائم الكبيرة التي استخدم في تتبعها وضبطها أسلوب التسليم المراقب .
عقوبة المخدرات في المملكة العربية السعودية
سبق أن صدر الأمر السامي بالموافقة على نظام منع الاتجار بالمواد المخدرة برقم 3318 في 9/4/1374هـ وجرى تعديل الأحكام الخاصة بالعقوبات بقرار مجلس الوزراء رقم 11 بتاريخ
2/1/1374هـ ونشر بجريدة أم القرى بالعدد رقم 1541 الصادر بتاريخ 3/3/1374هـ وتضمن التعديل ما يلي :
1ــ كل من يثبت عليه لدى المحاكم المختصة تهريب المواد المخدرة إلى المملكة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة يعاقب بالعقوبات التالية :
‌أ) يسجن مدة 15 عاماً.
‌ب) تصادر المواد المهربة وتتلف .
‌ج) يغرم بغرامة مالية قدرها عشرون ألف ريال سعودي .
وبعد تطبيق العقوبات السابقة يجازى أيضاً بحرمانه من السفر إلى الخارج إن كان سعودياً ويبعد من المملكة ويحرم من الدخول إليها إن كان أجنبياً وتعطى صورته إلى خفر المواني والحدود والمثليات .
2ــ كل من يثبت عليه لدى المحاكم المختصة الاشتراك في تهريب المخدرات أو تسهيل دخولها إلى المملكة يعاقب :
‌أ) بالسجن لمدة سبع سنوات
‌ب) يفصل من وظيفته إن كان موظفاً .
‌ج) حرمانه من السفر إلى الخارج إذا كان سعودياً وإبعاده إن كان أجنبياً وحرمانه من الدخول إلى المملكة مرة أخرى .
3ــ كل شخص من غير الصيادلة والمرخص لهم بالاتجار بالمواد المخدرة تثبت حيازته لشيء من المخدرات أو توسطه في تصريفها بالبيع أو الإرسال أو النقل من جهة إلى أخرى يعاقب بالسجن مدة خمس سنوات ويغرم بغرامة مالية قدرها عشرة آلاف ريال سعودي وما ورد بالفقرة (جـ ) قبله .
4ـــ كل من يثبت عليه لدى المحاكم المختصة تعاطي شيئاً من المخدرات يعاقب بما يلي :
‌أ) بالسجن لمدة سنتين .
‌ب) يعزر بنظر الحاكم الشرعي .
وقد صدر الأمر السامي البرقي رقم 17. 3 في 19/4/1391هـ بأن يطبق على أصحاب القات ما يطبق على غيرهم من أصحاب المخدرات .
ومن ثم صدر الأمر السامي رقم 4/ ب/9666 بتاريخ 10/7/1407هـ لكل من وزارة العدل ووزارة الداخلية باعتماد العمل بقرار مجلس هيئة كبار العلماء الذي صدر بالإجماع برقم 20/6/1407هـ وفيما يلي نص القرار :
أولاً : بالنسبة لمهرب المخدرات فإن عقوبته القتل لما يسببه تهريب المخدرات وإدخالها البلاد من فساد عظيم لا يقتصر على المهرب نفسه وأضرار جسيمه وأخطار بليغة على الأمة بمجموعها ، ويلحق بالمهرب الشخص الذي يستورد أو يتلقى المخدرات من الخارج يمون بها المروجين .
ثانياً : أما بالنسبة لمروجي المخدرات فقد أكد المجلس قراره رقم 85 الذي نص على من يروج المخدرات فإن كان للمرة الأولى فيعزر تعزيراً بليغاً بالحبس أو الجلد أو الغرامة المالية أو بها جميعاً حسب ما يقضيه النظر القضائي ، وإن تكرر منه ذلك فيعزر بما يقطع شره عن المجتمع ولو كان بالقتل لأنه بفعله يعتبر من المفسدين في الأرض وممن تأصل الإجرام في نفوسهم ” ولا تنطبق هاتين العقوبتين (القتل ) بحق مهربي ومروجي القات ” .
وقد نص قرار الوزراء رقم 1978 في 27/9/1391هـ على أن تدرج المواد والمركبات الواردة ضمن تعميم وزارة الصحة رقم 243/1433/27 في 13/5/1392هـ تحت طائلة التحريم والعقوبات الواردة في قرار مجلس الوزراء رقم 11 بتاريخ 2/1/1374هـ وبأن يعلن ذلك بواسطة الأجهزة الإعلامية . وقد نشر بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 2594 الصادر بتاريخ 29/11/1394هـ ( والمواد التي عناها تعميم وزارة الصحة تضمنت أربعة جداول وضحتها تلك المواد وأضيفت مادة ( إل . إس. دى) ضمن المركبات التي عناها تعميم وزارة الصحة ثم صدر تعميم وزارة الصحة رقم 196/ 2581/ 27 في 10/8/1394هـ بإعادة تنسيق تنظيم الأدوية النفسية متضمناً أربعة جداول ومواد عامة ثم صدرت عدة تعميمات من وزارة الصحة ملحقة بالتعميم السابق .
وصدر قرار مجلس الوزراء رقم 170 بتاريخ 23/9/1400هـ بتخويل صاحب السمو الملكي وزير الداخلية صلاحية منح مكافأة لمن يرشد عن المخدرات أو عن زراعة نباتاتها إذا تم ضبطها نتيجة لإرشاده ، وكذلك لمن يبذل مجهوداً متميزاً في ضبطها .
وصدر قرار الوزارة رقم 110 في 17/5/1400هـ بإدراج حبوب الكبتاجون ضمن قائمة المخدرات لتقع تحت طائلة العقوبات المنصوص عليها في قرار مجلس الوزراء رقم 11 بتاريخ 2/1/1374هـ .
وأعلن صاحب السمو الملكي وزير الداخلية في بيان من وزارة الداخلية العاشر من رجب 1407هـ الموافق 10 مارس 1987م أن مجلس هيئة كبار العلماء أصدر قرار بالإجماع يتضمن تطبيق عقوبة القتل بحق مهربي المخدرات ونصه :
” انطلاقا من اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز بكل ما من شأنه حماية مجتمعنا الآمن المسلم من الشرور والجرائم المدمرة وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية العادلة ، ونظراً لتمادي بعض المنحرفين والمجرمين في تهريب وترويج المخدرات المفسدة للروح والبدن فقد أصدرت هيئة كبار العلماء بالإجماع قرارها رقم 138 بتاريخ 20/6/1407هـ متضمناً ما يلي :
أولاً : بالنسبة لمهرب المخدرات فإن عقوبته القتل لما يسببه تهريب المخدرات وإدخالها البلاد من فساد عظيم لا يقتصر على المهرب نفسه وأضرار جسيمه وأخطار بليغة على الأمة بمجتمعها ، ويلحق بالمهرب الشخص الذي يستورد أو يتلقى المخدرات من الخارج يمون بها المروجين .
ثانياً : أما بالنسبة لمروجي المخدرات فقد أكد المجلس قراره رقم 85 الذي نص على من يروج المخدرات فإن كان للمرة الأولى فيعزر تعزيراً بليغاً بالحبس أو الجلد أو الغرامة المالية أوبها جميعاً حسب ما يقتضيه النظر القضائي ، وإن تكرر منه ذلك فيعزر بما يقطع شره عن المجتمع ولو كان بالقتل لأنه بفعله يعتبر من المفسدين في الأرض وممن تأصل الإجرام في نفوسهم .
وبناءً عليه فقد صدر أمر خادم الحرمين الشريفين المبلغ لكل من وزارة العدل ووزارة الداخلية برقم 4/ب/ 9666 في 10/7/1407هـ بالعمل بموجبه وتعميمه على المحاكم.
ووزير الداخلية إذا يعلن ذلك لكافة المواطنين والمقيمين يأمل مخلصاً أن يكون هذا القرار المستمد من أحكام شريعتنا الغراء قرار خير ونفع للمجتمع ووسيلة تذكير وإنذار وردع للمتورطين في هذه الجرائم ويدعوهم إلى التوقف الفوري عن أعمالهم ويؤكد أن وزارة الداخلية ستقوم بتنفيذ الأحكام المقررة هذه حاصل صدورها من المحاكم الشرعية المختصة وبعد إقرارها من مقام خادم الحرمين الشريفين والله من وراء القصد[46] .
بعض العوامل التي ساعدت على انتشار المخدرات في الخليج :
يشعر المسئولون في الدول الخليجية العربية بالقلق البالغ إزاء تزايد أعداد الشباب المتعاطي للمخدرات وكذلك أولئك الذين يتاجرون بها.
وتدل البيانات القليلة المتوفرة في الخليج أن هناك ارتفاعاً ملحوظاً في كميات المخدرات المضبوطة في السنوات الأخيرة ودخول أنواع أخرى من المخدرات لم تكن معروفة سابقاً مثل الهيروين والكوكايين وزيت الحشيش. بالإضافة إلى ارتفاع نسبة المواطنين المتورطين في عمليات التهريب والاتجار في المخدرات.
وهناك بعض العوامل التي ساهمت بشكل أو بآخر في تفشي هذه المشكلة وعلى درجات متفاوتة في كل دولة. ويمكن إيجاز هذه العوامل فيما يلي :
1) التغير الاجتماعي السريع.
2) العمالة الوافدة.
3) التركيب السكاني للمجتمع الخليجي.
4) الموقع الجغرافي.
5) ارتفاع المستوى الاقتصادي.
6) السفر والرحلات خارج المنطقة.
7) الفراغ.
8) النقص في الإمكانيات المتعلقة بمكافحة المخدرات.[47]
المخدرات في المملكة العربية السعودية:
بالرغم من شح البيانات المتعلقة بانتشار المخدرات في المملكة العربية السعودية إلا أن هناك العديد من المؤشرات التي تظهر أن المملكة تعاني من هذه المشكلة ففي عام 1979 تم ضبط 460 كيلو جرام من الحشيش مقابل 554 كيلو جرام في عام 1980 أي بزيادة 20% عن عام 1979 وتعاني السعودية من كثرة تهريب نبات القات مقارنة ببقية الدول الخليجية فقد تم ضبط 5490 كيلو جرام من القات في عام 1979 مقابل 2501 كيلو جرام في عام 1980 ويستغل تجار ومهربي المخدرات المواسم الدينية وبخاصة موسم الحج وقد تعود ضبط كميات كبيرة من المخدرات في موسم الحج تتراوح من 300 إلى 400 حبة مخدرة يومياً. وهذا ما يفسر الكميات الضخمة من الحبوب المخدرة المضبوطة في السعودية، حيث نجد أن كمية الحبوب المضبوطة في عام 1979 بلغت 1.8 مليون حبة انخفضت إلى حوالي 0.9 مليون حبة في عام 1980 .
ونظراً لتحريم تعاطي الخمور والمخدرات في المملكة العربية السعودية فلقد اتجهت أعداد كبيرة من الشباب إلى استخدام طرق أخرى لتعاطي المخدرات مثل تصنيع المشروبات الكحولية …
وتدل الإحصائيات أن مجموع الأحداث الذين تم ضبطهم في تعاطي الخمور والمخدرات في الفترة 1981-1982 قد بلغ 351 حدثاً بينهم 17 فتاة أي بنسبة 4.8% من مجموع الأحداث المضبوطين. أما من ناحية عدد الأشخاص المقبوض عليهم في تعاطي المخدرات في السعودية فهم في ازدياد مستمر حيث نجد أن عددهم كان 28 شخصاً عام 1966 ، ارتفع إلى 330 شخصاً عام 1977 . وللأسف لم تتوفر أي بيانات عن عدد المقبوض عليهم في الأعوام التي تلي عام 1977 . وفي عام 1981 بلغ عدد إجمالي جرائم شرب وتصنيع الخمور في السعودية ما يقرب من 2797 جريمة تمثل 24.3% من مجموع الجرائم الجنائية لنفس العام .[48]
المنهج الإسلامي للوقاية من خطر المخدرات
اهتم الدين الإسلامي بوقاية المجتمع من خطر الإدمان ، الذي يهدده بالانهيار ويقوض أركان العزة والقوة في المجتمعات .
ولقد اتخذ الإسلام في ذلك منهجاً يقوم على السبل المتعددة للوقاية من هذا الخطر ، والتي من أهمها القدوة الصالحة في البيت والتربية الدينية منذ الصغر وحسن اختيار الأصدقاء ، وضرورة رقابة الآباء على الأبناء.[49]
الوقاية والعلاج
ونوجز هنا بعض التدابير التي نعتقد أنها يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند التخطيط لأي برنامج لمكافحة مشكلة المخدرات في الخليج :
أولاً: غرس القيم والتقاليد الإسلامية في الشباب .
ثانياً: إجراء الدراسات والبحوث الميدانية .
ثالثاً: التوعية الإعلامية .
رابعاً: القوانين والتشريعات الرادعة .
خامساً: توفير الأماكن الصالحة لاستثمار وقت الفراغ .
سادساً: تأهيل الأشخاص الذين لهم علاقة بمشاكل المخدرات .
سابعاً: الاهتمام بالمناهج الدراسية .
ثامناً : توفير الطرق المناسبة لعلاج المدمنين .
تاسعاً: تدابير أخرى وهذه تشمل:
‌أ) أهمية وجود تعاون وتنسيق بين الدول العربية الخليجية في مجال مكافحة المخدرات .
‌ب) الاهتمام بإنشاء جهاز إقليمي لمكافحة المخدرات في الخليج .
‌ج) يجب أن تساهم المؤسسات والجمعيات الاجتماعية في الخليج في مكافحة هذه المشكلة سواء بإجراء البحوث والدراسات الميدانية وتوجيه المجتمع نحو الأخطار الناتجة من تعاطي المخدرات وطرق الوقاية منها .
‌د) الرقابة على الإعلانات عن المشروبات الكحولية سواء في الصحف والمجلات والمتاجر العامة والفنادق أو في الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية .
هـ ) منع استيراد وبيع المشروبات الكحولية (في البلدان التي تسمح ببيعها )وفرض العقوبات على مستورديها وبائعيها ومتعاطيها .
و ) الرقابة على العمالة الوافدة والحد منها قدر الإمكان .[50]

الخاتمة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات فله الحمد على ما يسر وسهل علي في هذا العمل المتواضع الذي لم نقم بما يستحقه هذا الموضوع الذي انتشر وخاصة في الآونة الأخيرة . فحذار حذار يا أخي القارئ من الوقوع في شراك هذه المخدرات . أخي احمد الله سبحانه وتعالى على أن حفظك من هذا البلاء ، واعلم أن أولئك الذين وقعوا في شراكها كانوا من قبل أناس أصحاء لا يتعاطونها بل إن بعضهم يكرهها كرهاً شديداً ومع كل هذا إلا أنهم وقعوا بها نسأل الله السلامة والعافية .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

من المراجع
1) تفاصيل موضوعات الاتفاقيات والهيئات والمراكز الدولية اللواء محمد عباس
2) الخطر المقاومة وزارة الإعلام ” الشؤون الإعلامية بالتعاون مع الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالمملكة العربية السعودية ”
3) الشباب والمخدرات في دول الخليج العربي عبد الرحمن مصيقر . الناشر: الكويت شركة الربيعان 1985م.
4) مجلة البحوث الإسلامية العدد الثاني عشر 1405هـ .
5) مجلة البلاغ العدد 1422 الأحد 7/9/1421هـ السنة 31.
6) مجلة الجندي المسلم السنة الرابعة عشرة العدد 46 ذو الحجة 1407هـ .
7) مجلة الفيصل العدد 183 رمضان 1412هـ .
8) المخدرات في الفقه الإسلامي للدكتور : عبد الله محمد الطيار .
9) مكافحة المخدرات ، مركز الدراسات الأمنية والتدريب .
10) الموسوعة الماسية للحديث النبوي وعلومه ، عبد اللطيف للمعلومات الإصدار 1420.
11) وباء المخدرات جمع وإعداد طبيب محمد زكي بن عوض حسنين النوري الناشر مكتبة الدعوة بالأزهر .

[1] -المائدة 90-92

[2] – آل عمران 110

[3] – التوبة 41

[4] -الإسراء 32

[5] – أخرجه البخاري : كتاب النكاح،حديث رقم 4778 ، وأخرجه مسلم في كتاب النكاح برقم 3384 ، وأخرجه النسائي في كتاب النكاح حديث رقم 3209 ، وأخرجه ابن ماجة في كتاب النكاح حديث رقم 1845 ، وأخرجه الإمام أحمد في مسند عبد الله بن مسعود برقم 3581 ، وأخرجه الدارمي في كتاب النكاح 2088 .

[6] -المائدة 38.

[7] – النحل آية 18.

[8] – آل عمران آية 190-191.

[9] – الذاريات آية 21.

[10] – البقرة آية 75.

[11] – الملك آية 10.

[12] – البقرة آية 44.

[13] – البقرة آية 164.

[14] – العنكبوت آية 43.

[15] – رواه أحمد في كتاب حديث أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم برقم 26094 ، وأبو داود في الأشربة برقم 3686 وابن أبي شيبة في الأشربة برقم 9 والبيهقي في السنن الكبرى في كتاب الأشربة والحد فيها برقم 17887 .

[16] – مجلة الجندي المسلم ، السنة الرابعة عشر ،العدد 46 ذو الحجة 1407هـ ، من صفحة 52 إلى 53

[17] – أخرجه أبو داود في كتاب أول كتاب الحدود برقم 4398 ، وأخرجه الترمذي في الحدود برقم 1423 ، وابن ماجة في الطلاق 2041 والإمام أحمد في مسند علي بن أبي طالب برقم 943 .

[18] – المائدة 90-91

[19] – انظر مجلة البحوث الإسلامية ـ العدد الثاني عشر 1405هـ

[20] – الصائل : الذي يضرب الناس ويتطاول عليهم .

[21] – قرار مجلس هيئة كبار العلماء رقم(85)بتاريخ 11/11/1401هـ

[22] – انظر وباء المخدرات، جمع وإعداد طبيب محمد زكي بن عوض حسنين النوري ، الناشر مكتبة الدعوة بالأزهر من صفحة 183-185.

[23] -أخرجه أبو داود في كتاب الأشربة برقم 3681 ، والترمذي في الأشربة برقم 1865 ، والنسائي في الأشربة برقم 5623 ، وابن ماجة في الأشربة برقم 3392 والإمام أحمد في مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب برقم 5616 .

[24] – الأعراف 157.

[25] – أخرجه ابن ماجة في كتاب الأحكام برقم 2340 والأمام أحمد في مسند عبد الله بن عباس برقم 2862 .

[26]- أخرجه الحاكم في كتاب الرقاق برقم 7846 وهو صحيح على شرط الشيخين.

[27] – أخرجه الترمذي في كتاب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم برقم 2417 والدارمي في كتاب أبواب متفرقة في صفات النبي صلى الله عليه وسلم وفي العلم ونحوها برقم 543.

[28] – أخرجه النسائي في السنن الكبرى في كتاب الأشربة برقم 5176 والبيهقي في كتاب الأشربة والحد فيها برقم 17832.

[29] – انظر موقع على الإنترنت http://www.angelfire.com/ns/danger/002.html

[30] – لم أجدله تخريج ولكن هناك حديث في سنن سعيد بن منصور في معناه وهو: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من فارق جماعة المسلمين فلا صلاة له حتى يرجع إليهم ، ولا لعاصي ثغر من ثغور المسلمين حتى يرجع إلى ثغره .

سنن سعيد بن منصور كتاب/باب ما جاء فيمن خالف الإمام 2496 .

[31] – مجلة الفيصل ،العدد(183) ـ رمضان 1412هـ (مارس)1992م ص 35 .

[32] – اللفظ لمسلم كتاب الأضاحي رقم الحديث 5096 . والبخاري في كتاب أبواب فضائل المدينة برقم 1771 وأبو داود في كتاب المناسك برقم 2034 والترمذي في كتاب الولاء والهبة برقم 2127 والنسائي في كتاب الضحايا برقم 4434 والإمام أحمد في كتاب مسند علي بن أبي طالب برقم 616.

[33] – أخرجه مسلم في كتاب الإيمان برقم 175 وابن ماجة في كتاب الفتن برقم 4013 و الإمام أحمد في مسند أبي سعيد الخدري برقم 11068

[34] -أخرجه البخاري في كتاب النكاح برقم 4904 ومسلم في كتاب الإمارة برقم 4701 وأبو داود في كتاب الخراج والفيء والإمارة برقم 2928 والترمذي في كتاب الجهاد برقم 1705 والإمام أحمد في مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب برقم 4481.

[35] – آل عمران 110 .

[36] انظر موقع على الإنترنت http://www.angelfire.com/ns/danger/77.html

 

[37] – أخرجه البخاري في كتاب النكاح برقم 4904 ومسلم في كتاب الإمارة برقم 4701 وأبو داود في كتاب الخراج والفيء والإمارة برقم 2928 والترمذي في كتاب الجهاد برقم 1705 والإمام أحمد في مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب برقم 4481.

 

[38] – سورة الأنبياء 7.

[39] – المائدة 2.

[40] – أخرجه البخاري في كتاب النكاح برقم 4904 ومسلم في كتاب الإمارة برقم 4701 وأبو داود في كتاب الخراج والفيء والإمارة برقم 2928 والترمذي في كتاب الجهاد برقم 1705 والإمام أحمد في مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب برقم 4481.

[41] – المدثر 38.

[42] – أخرجه مسلم في كتاب الوصية برقم 4199 والنسائي في السنن الكبرى في كتاب الوصايا برقم 6478 و أبو داود في كتاب الوصايا برقم 2880 والترمذي في كتاب الأحكام برقم 1376 والإمام أحمد في كتاب تتمة مسند أبي هريرة برقم 8627 .

[43] – أنظر في تفاصيل موضوع الاتفاقيات والهيئات والمراكز الدولية –اللواء/ محمد عباس ص160 إلى182 بتصرف ، والدكتور/عبد الله الطيار- المخدرات في الفقه الإسلامي ط1-ص 147، 150 بتصرف.

[44] – مكافحة المخدرات –مركز الدراسات الأمنية والتدريب ص 29 .

[45] -محمد على البار ملحق رقم 2 ص392 – 393 بتصرف.

[46] -الخطر المقاومة وزارة إعلام (الشئون الإعلامية بالتعاون مع الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالمملكة العربية السعودية ) من ص 46،51.

[47] – انظر الشباب والمخدرات في دول الخليج العربية لـ عبد الرحمن مصيقر ( بتصرف ).

[48] – المصدر السابق .

[49] – انظر مجلة البلاغ العدد 1422 الأحد 7/9/1421هـ السنة 31 ( إعداد أحمد غراب )

[50] – انظر الشباب والمخدرات في دول الخليج العربية لـ عبد الرحمن مصيقر ( بتصرف )